ولا يرد عليه مرسوم من القاهرة بأمر ولا نهي، وتوجه من دمشق إلى القاهرة بسبب سلطنة حماه، فأكرمه الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأركبه بشعار السلطنة، ومشى الأمراء والأكابر في خدمته، حَتَّى مشى الأمير أرغون النائب بالديار المصرية، وقام له الملك الناصر بكل ما يحتاج إليه من التشريف والإنعامات عَلَى وجوه الدولة والخيول بالقماش بالذهب وغير ذَلِكَ، ولقبه بالملك الصالح، وأمره بالتوجه إلى محل سلطنته بحماه، فخرج إليها من ديار مصر بتجمل زائد وعظمة عَلَى عادة الملوك، فوصلها في جمادى الآخرة سنة عشر وسبعمائة، ثم عن قليل غير السلطان لقبه ولقبه بالملك المؤيد، وذلك لما حج معه في سنة تسع عشرة وسبعمائة، وعاد معه إلى القاهرة، وأذن له أن يخطب باسمه بحماه وأعمالها، عَلَى ما كان عليه سلفه من ملوك حماه.
وكان الملك المؤيد في كل قليل يتوجه من حماه إلى القاهرة، ومعه أنواع الهدايا والتحف للملك الناصر محمد بن قلاوون، ويعود إلى محل سلطنته، ثم في كل قليل يتحف الملك الناصر بالأشياء الطريفة الغريبة، ثم رسم الملك الناصر لنواب البلاد الشامية بأن يكتبوا له: يقبل الأرض، فصار الأمير تنكز نائب الشام يكتب له: يقبل الأرض، وبالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني العمادي الملكي المؤيدي، وفي العنوان صاحب حماه، ويكتب السلطان له أخوه محمد بن قلاوون، أعز الله أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي بلا مولوي.
ولم يزل المذكور بحماه مكباً عَلَى الاشتغال والتصنيف وحضرته محط رجال أهل العلم من كل فن، ومنزلاً للشعراء والفضلاء، عَلَى أنه