هو إمام بارع مفنن، ماهر في الفقه والتفسير والأصلين والنحو والتاريخ وعلم الميقات والفلسفة والمنطق والطب، مع الاعتقاد الصحيح، والعروض والأدب والنظم والنثر، وكان للشعراء به سوق نافق.
وذكره الشيخ جمال الدين الإسنوي في طبقاته، وقال: اتفق قدومه إلى الديار المصرية في بعض السنين، واستدعاني إلى مجلسه عَلَى لسان الشيخ زين الدين ابن القويع فحضرت معه وصحبتنا الصلاح بن البرهان الطبيب المشهور، فوقع الكلام اتفاقا في عدة علوم فتكلم فيها كلاماً محققاً، وشاركناه في ذَلِكَ، ثم انتقل الكلام إلى علم النباتات والحشائش، فكلما وقع ذكر نبات صفته الدالة عليه، والأرض التي ينبت فيها، والمنفعة التي فيه، في استطراد في ذَلِكَ استطراداً عجيباً، وهذا الفن الخاص هو الذي كان يتبجح بمعرفته الطبيبان الحاضران وهما ابن القويع وابن البرهان، فإن أكثر الأطباء لا يدرون ذَلِكَ، فلما خرجا تعجبا إلى الغاية، وقال الشيخ زين الدين: ما أعلم أن ملكاً من ملوك المسلمين وصل إلى هذا العلم انتهى.
وقال الصلاح الصفدي: وكان الملك المؤيد فيه مكارم وفضيلة تامة، مع فقه وطب وحكمة وغير ذَلِكَ، وكان أجود ما يعرفه الهيئة لأنه أتقنه، وإن كان قد شارك مشاركة جيدة، انتهى باختصار.
قلت: وكان مع غزير علمه يميل إلى الشعر ميلاً زائداً، ويجيز عليه الجوائز السنية، وكان الأديب جمال الدين محمد بن نباته مقيماً عنده بحماه، وله عليه رواتب تكفيه، وله فيه غرر مدائح منها: