هو من أعيان المماليك الظاهرية برقوق. اشتراه برقوق لما كان أتابكا في سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، وأعتقه ورقاه إلى أن صار من جملة زردكاشية السلطان، واستمر عَلَى ذَلِكَ إلى أن مات الملك الظاهر برقوق، وتسلطن ولده الملك الناصر فرج وقدم تيمورلنك إلى البلاد الشامية في سنة ثلاث وثمانمائة، وحصل منه ما ذكرناه في عدة تراجم من أسره للمسلمين والإسراف في القتل، فكان أسنباي المذكور من جملة من أسر من العساكر المصرية.
حدثني أسنباي المذكور من لفظه ما معناه قال: لما صرت من جملة الأسرى طلبني تيمور إلى بين يديه، فلما أوقفت بعيداً قربني منه فسألني عن جنسي، فقلت له: تترياً، فقال: من مماليك برقوق أنت؟ فقلت: نعم، فقال: خصيصاً كنت عنده، فقلت: لا أعلم، هنا ممن يعرفني من الأسراء جماعة كثيرة يسأل الأمير منهم عني، فأعجبه ذَلِكَ مني، ثم قال: إيش كان وظيفتك عند السلطان؟ فقلت جبجي، يعني زردكاشا، فعند ذَلِكَ أمر المحتفظ بي أن يفك عني القيود، فأطلقت، ثم ألبسني خلعه، وجعلني زردكاشا له، وأسلمني جميع خزائن سلاحه، وكان في زردخاناته من السلاح مالا يحصره كثرة، وصرت مقرباً عنده إلى الغاية، حَتَّى حصر بغداد، طلبني تيمور وقال لي: يا أسنباي هذا يومك، فلما سمعت منه ذَلِكَ اجتهدت في عمل آلات الحصار، وأبدعت وأتيت بالغرائب بحيث أنه ألبسني في تلك الأيام عدة خلع، انتهى كلام أسنباي.