قلت: ودام أسنباي هذا بخدمة تيمورلنك إلى أن مات في سنة سبع وثمانمائة، ووقع الخلف بين أولاده، فعند ذَلِكَ خرج من العجم عائداً إلى الديار المصرية، وقدم إلى القاهرة، واستمر بها إلى أن تسلطن الملك المؤيد جعله من جملة أمراء العشرات وزردكاشا كبيراً، واختص به، واستمر مقرباً عنده إلى أن مات المؤيد وآل الأمر إلى الملك الظاهر ططر، عزله من الزردكاشية بالأمير قجقار جغتاي السيفي بكتمر جلق، واستمر أسنباي المذكور من جملة أمراء العشرات إلى أواخر الدولة الأشرفية برسباي، نقل إلى نيابة دمياط فاستمر بها إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق، عزل وطلب إلى القاهرة، وصار كما كان أولاً عَلَى إمرته، إلى أن توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وله نحو تسعين سنة. وهو مستمتع بحواسه.
وكان تركي الجنس، وعنده فصاحة ومعرفة وعقل، حافظاً لما رأى من الحوادث.
وكان بيننا صحبة أكيدة، وهو أحد من كنت آخذ عنه تراجم من لا أدركته من الأمراء الظاهرية، واجتمع مرة عندي مع الشيخ تقي الدين المقريزي، فلما اجتمعا أخذا في ذكر ما جرى من الحوادث في الدولة الظاهرية برقوق وهلم جرا إلى دولة الأشراف برسباي، فسكت المقريزي وتكلم أسنباي عَلَى الأنصاف إلى