وحكي عنه أنه دخل مرة الحمام فرآه بعض من يعرفه، فأخذ الحجر وحك رجليه وغسله بالسدر، ولم يكلمه كلمة واحدة. فلما خرج طلبه ورماه إلى الأرض وضربه بالعصا، وقال له: أنا مالي مملوك، ما عندي بابا، مالي غلمان حتى تتجرأ علي.
ولما عمر جامعه بالحسينية - خارج القاهرة - فكان يتفقده في غالب الأحيان؛ لينظر حاله، ولم يدخل معه أحد من مماليكه، فويل للقيم إن رأى به تراباً. فلما كان في بعض الأيام - وهو بمفرده في الجامع المذكور على عادته - لم يشعر إلا وجندي من أكراد الحسينية قد بسط سفرةً وقصعة لبن ورقاق في وسط الجامع، فأيقن كل أحد له بالقتل في ذلك اليوم، وقال: بسم الله ثم التفت إلى الأمير، فرآه ولم يعرفه، فحسبه طفيلي، فقال له: من أعلمك بي أو دلك علي؟ قال: والله ولا أحد فطلب الأمير مماليكه وأكل وانبسط، وأمر له بستمائة درهم، فاتفق أن أتاه بعد ذلك كردي آخر وفعل مثل ذلك، فأمر به فضرب ستمائة عصا.
وقيل إنه كان يقصد المطالب. وكان جواداً. قيل إنه ما تجرد إلى جهة من الجهات ورافقه أحد إلا وكان أكله على سماطه - ذهابه وإيابه - ويعلفون من عليفه من يوم خروجهم من القاهرة إلى عودهم.