عظيماً، انتهى منه في سنة أربع وخمسين، أو في التي قبلها. وقد جمع لهذا الرصد علماء هذا الفن من سائر الأقطار، وأغدق عليهم الأموال، وأجرى عليهم الرواتب الكثيرة، حتى رحل إليه علماء الهيئة والهندسة من البلاد البعيدة، وهرع إليه كل صاحب فضيلة، وهو مع هذا يتلفت من يسمع به من العلماء في الأقطار، ويرسل يطلب من سمع به، وعرف مقرته، ولا يزال به حتى يستقدمه معظماً مبجلاً. هذا مع علمه الغزير، وفضله الجم، وإطلاعه الكبير، وباعه الواسع في هذه العلوم، مع مشاركة جيدة إلى الغاية في فقه الحنفية والأصلين والمعاني والبيان واللغة، والعربية والتاريخ وأيام الناس.
وأما غير ذلك كالهيئة والهندسة والتقاويم الفلكيات فيه يضرب المثل، وانتهت إليه الرئاسة في ذلك في عصره، مع علمي بمن عنده من العلماء، لكنه هو مشاركته أعظم؛ لأن كل عالم عنده هو إمام في علم واحد، بخلاف ألوغ بك هذا، فإنه يشارك في علوم كثيرة. قيل إنه سأل بعض حواشيه: ما تقول الناس عني؟ وألح عليه، فقال له: يقولون إنك ما تحفظ القرآن الكريم، فدخل من وقته وحفظه في أقل من ستة أشهر حفظاً متقناً.