حكى لي من لفظه السيد الشريف سراج الدين عبد اللطيف الفاسي، قاضي قضاة الحنابلة بمكة، قال: قدمت على القان شاه رخ في بعض سفراتي إليه، فوجهني إلى ألوغ بك، صاحب سمرقند، فلما وصلت إليه رحب بي وأكرمني غاية الإكرام، فأخذ يحادثني في بعض الأيام، ويسألني عن كيفية الحرم الشريف، وكيف مثال الكعبة والحجر الأسود، والحجر وغير ذلك، فصرت أصف له كل ما بالحرم من البناء وغير ذلك. وهو لا يكرر مني اللفظ، بل يفهمه من أول مرة، كأنه رآه، فذهل عقلي بما رأيت من ذكائه المفرط، وصرت كلما جالسته بعد ذلك أسمع منه من الغرائب ما أتعجب منه من كثرة محفوظه للشعر، واستشهاده على ما يحكيه من الحكايات بكلام العرب، وحفظه للتاريخ، ثم يعتذر، لقلة معرفته باللغة العربية، ويقول: ما نحسن إلا باللغة التركية والعجمية. ويظهر لي صدق مقالته، فإنهما لغته. ثم يسألني في بعض الأيام، قال: يقف محملنا على جبل عرفات تحت المحمل المصري أم فوقه؟ قال الشريف: فاستحييت أن أقول له تحت المحمل الشامي، فنقلته إلى كلام غيره،