للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المجروحين (٢/ ١٢٥)، وحمل عليه حملًا شديدًا، فقال: "روى عنه الحكم بن عتيبة وأبو إسحاق السبيعي، كان رديء الحفظ، فاحش الخطأ، يرفع عن عليٍّ قوْلَه كثيرًا، فلما فحش ذلك في روايته استحق الترك؛ على أنه أحسن حالًا من الحارث.

سمعت الحنبلي، يقول: سمعت أحمد بن زهير، يقول: سئل يحيى بن معين: أيما أحب إليك، الحارث عن علي، أو عاصم بن ضمرة عن علي؟ قال: عاصم بن ضمرة".

هكذا قال ابن حبان، ولم يدلل كعادته على صحة ما يدعيه في الرجال، بإيراد الأحاديث التي أنكرت عليهم، وتَبيَّن فيها خطؤهم، سوى أنه قال: يرفع الموقوفات.

وأما ابن عدي في كامله (٥/ ٢٢٤) (٨/ ١٧٨ - ط. الرشد) فإنه أيضًا لم يورد شيئًا مما ينكَر على عاصم، لكنه أورد كلام بعض الأئمة في أصحاب علي، وهو جرح عام لا يتناول عاصم بن ضمرة بخصوصه، مثل قول مغيرة بن مقسم الضبي: "لم يصدق على عليٍّ في الحديث إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود"، وسئل إبراهيم النخعي: أدركتَ أصحابَ علي، وأصحابَ عبد الله، فأخذتَ بقول أصحاب عبد الله، وتركتَ قول أصحاب علي؟ قال: "أتهم أصحاب علي" [وانظر: مختصر الخلافيات (٢/ ٤٢٩)].

قلت: وهذان القولان فيهما مبالغة ظاهرة، وهو جرح مجمل؛ لعله عُني به جماعةٌ من أصحاب علي ممن اتهموا أو ضعفوا، ولم يُرَد استقصاء أصحاب علي، ففيهم جماعة من ثقات التابعين، مثل: حارثة بن مضرب، والحارث بن سويد، وحضين بن المنذر، وحنش الصنعاني، وأبي الهياج الأسدي حيان بن حصين، وخلاس بن عمرو الهجري، وعبد خير بن يزيد الهمداني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعَبيدة السلماني، وعبيد الله بن أبي رافع، وعلي بن ربيعة الوالبي، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، وغيرهم، قال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: سألت أبا عبد اللّه عن الثبت عن علي؟ فقال: "عَبيدة، وأبو عبد الرحمن، وحارثة، وحبة بن جوين، وعبد خير"، قال أبو جعفر: فقلت له: فزِرٌّ وعلقمة والأسود؟ قال: "هؤلاء أصحاب ابن مسعود، وروايتهم عن علي يسيرة" [إكمال مغلطاي (٣/ ٣٣٦) و (٩/ ١١٥)، التهذيب (١/ ٣٤٢) أعني بذلك: أن الإمام أحمد قد فرق بين ثقات أصحاب علي، وبين ثقات أصحاب ابن مسعود، وفي كلامه رد ضمني على قولي مغيرة وإبراهيم، ومن ثم فلا يصلح الاحتجاج بهذين القولين على تضعيف عاصم بن ضمرة، لا سيما مع ثبوت توثيق جماعة من الأئمة له.

ثم قال ابن عدي: "وعاصم بن ضمرة: لم أذكر له حديثًا؛ لكثرة ما يروي عن علي مما ينفرد به، ومما لا يتابعه الثقات عليه، والذي يرويه عن عاصم قوم ثقات، البلية من عاصم!! ليس ممن يروي عنه".

وكلام ابن عدي هنا ظاهره أنه لم يفرق بين المناكير التي وقعت في حديثه بسبب رواية حبيب والحكم؛ ولا تصح لهما رواية عن عاصم، أو بسبب عاصم نفسه، ولعل ابن عدي عول في حكمه هذا على كلام الجوزجاني الآتي ذكره، فإن كان كذلك، فهو كما

<<  <  ج: ص:  >  >>