للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو حديث منكر؛ أظنه من مناكير محمد بن دينار الطاحي.

* فإن قيل: قد ثبت عن عبد الله بن شَقِيق، أنه قال: سألتُ عائشةَ عن صلاة رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-من التطوُّع، فقالت: كان يُصلّي قبلَ الظُّهر أربعًا في بيتي، ثم يخرجُ فيصلّي بالناس، ثم يرجع إلى بيتي فيصلّي ركعتين، وكان يصلّي بالناس المغرب، ثم يرجعُ إلى بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بهم العِشاء، ثم يدخل بيتي فيصلّي ركعتين، ... ، وكان إذا طلع الفجرُ، صلَّى ركعتين، ثم يخرج فيُصلّي بالناس صلاةَ الفجر.

أخرجه مسلم (٧٣٠/ ١٠٥)، وتقدم تحت الحديث رقم (٩٥٥)، وبرقم (١٢٥١).

فلم تذكر فيه عائشة الركعتين بعد العصر؛ فيقال: لا منافاة بينهما، ففي حديث عبد الله بن شقيق أرادت أن تبين السنن الرواتب التي داوم عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- حياته بالمدينة، وذلك لا ينافي ما قد ثبت عنها بأسانيد صحاح لا مطعن فيها أنه داوم على ركعتين بعد العصر، لكن كان ذلك في آخر عمره -صلى الله عليه وسلم-، وقبل وفاته بقليل [كما دلت على ذلك الروايات]، وأن هاتين الركعتين إنما وقعتا قضاء لراتبة الظهر البعدية؛ ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أثبتها بعد ذلك وداوم عليها؛ لكونه كان إذا عمل عملًا أثبته، ولا يلزم أن تتابعه الأمة على ذلك لاختصاصه به دونها، وذلك بخلاف الاقتداء به في القضاء، والله أعلم.

وعلى هذا: فإن هاتين الركعتين بعد العصر لما لم تكن سنةً بنفسها لم تخبر عائشة بها عبد الله بن شقيق، وإنما أخبرته بالسنن الرواتب، وهذا قريب من فعلها أيضًا مع عبد الله بن أبي قيس، ولو كانت ركعتا العصر سنةً راتبةً لما خفيت على كبار الصحابة، ولما ضرب عمرُ الناسَ عليها، والله أعلم.

وعلى هذا فإنه لا يصح رمي حديث عائشة بالاضطراب؛ بل هو حديث محفوظ، أخرجه الشيخان بالوجهين [انظر: ناسخ الحديث للأثرم (١٦٤)].

* وقد روي حديث عائشة في الركعتين بعد العصر من حديث أبي موسى الأشعري، ولا يثبت عنه:

رواه عبد الصمد بن عبد الوارث [ثقة]، قال: حدثنا أبو دارس صاحب الحور: حدثنا أبو بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى، أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي ركعتين بعد العصر.

أخرجه أحمد (٤/ ٤١٦)، [إتحاف المهرة (١٠/ ١٠٧/ ١٢٣٦٢)، المسند المصنف (٢٩/ ٤٤٤/ ١٣٤٤٨)].

* وقال المكي [هو: ابن إبراهيم: ثقة ثبت]: عن أبي دارس، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي ركعتين بعد العصر.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٣٥٢).

ولا يثبت هذا؛ وقد اضطرب فيه أبو دارس على جهالته، مما يدل على قلة ضبطه، وأبو دارس إسماعيل بن دارس: قال ابن المديني: "هو مجهول، لا أعرفه"، وقال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>