للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب السادس: القدرة على الصوم]

تمهيد

يشترط لوجوب الصوم: القدرة والاستطاعة عليه.

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

١ - قوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (١) [البقرة: ٢٨٦].

٢ - قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: ٧٨].

ثانياً: الإجماع:

حكى الإجماع على ذلك ابن حزم (٢)، وابن تيمية (٣).

الفرع الأول: أقسام العجز عن الصوم وحكم كل نوع

ضد القدرة: العجز، والعجز عن الصيام ينقسم إلى قسمين:

١ - عجز طارئ. ٢ - عجز دائم.

١ - العجز الطارئ أو العارض: وهو الذي يرجى زواله، كالعجز عن الصوم لمرض يُرجَى برؤه، فهذا لا يلزمه الصوم أداء، ولكن عليه القضاء، بعد زوال عجزه.

الدليل:

قول الله تعالى: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: ١٨٤]

٢ - العجز المستمر أو الدائم: وهو الذي لا يرجى زواله، مثل الكبير الذي لا يستطيع الصوم، والمريض الذي لا يرجى برؤه، فهذا عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا (٤).

الأدلة:

أولا: من الكتاب:

قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: ١٨٤]

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعما مكان كل يوم مسكيناً)). أخرجه البخاري (٥).

ثانيا: الإجماع:

١ - الإجماع على جواز الفطر للشيخ الكبير:

حكى ذلك ابن المنذر (٦)، وابن حزم (٧).

٢ - الإجماع على جواز الفطر للمريض الذي لا يرجى برؤه:

وقد حكى ذلك ابن قدامة (٨).

الفرع الثاني: صوم أصحاب المهن الشاقة


(١) قال الجصاص: (فيه نصٌّ على أن الله تعالى لا يكلف أحدا ما لا يقدر عليه ولا يطيقه ... ومما يتعلق بذلك من الأحكام: سقوط الفرض عن المكلفين فيما لا تتسع له قواهم؛ لأن الوسع هو دون الطاقة ... نحو الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم ويؤديه إلى ضرر يلحقه في جسمه وإن لم يخش الموت بفعله، فليس عليه صومه؛ لأن الله لم يكلفه إلا ما يتسع لفعله ولا يبلغ به حال الموت، وكذلك المريض الذي يخشى ضرر الصوم .. ) ((أحكام القرآن)) (٢/ ٢٧٧).
(٢) قال ابن حزم: (اتفقوا على أن صيام نهار رمضان على الصحيح .. ) ((مراتب الإجماع)) (ص٣٩).
(٣) قال ابن تيمية: (واتفقوا على أن العبادات لا تجب إلا على مستطيع) ((مجموع الفتاوى)) (٨/ ٤٧٩).
(٤) ((الشرح الممتع لابن عثيمين)) (٦/ ٣٢٤)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٠/ ١١٤ - ١١٥).
(٥) رواه البخاري (٤٥٠٥).
(٦) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن للشيخ الكبير والعجوز العاجزين عن الصوم أن يفطرا) ((الإجماع)) (ص٥٠).
(٧) قال ابن حزم: (أجمعوا أن من كان شيخاً كبيراً لا يطيق الصوم أنه يفطر في رمضان ولا إثم عليه) ((مراتب الإجماع)) (ص ٤٠)، ولم يتعقبه ابن تيمية في ((نقد مراتب الإجماع)).
(٨) قال ابن قدامة: (أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة) ((المغني)) (٣/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>