للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول المبيت بمنى ليالي أيام التشريق]

المبحث الأول: المبيت بمنى ليالي التشريق وما يلزم من تركه

المطلب الأول: حكم المبيت بمنى ليالي التشريق

المبيت بمنى في ليالي أيام التشريق (١) واجب، وهو مذهب جمهور الفقهاء (٢) من المالكية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥).

الأدلة:

١ - أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بات في منى، وقد قال: ((لتأخذوا مناسككم)) (٦).

٢ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أفاض رسول الله من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق)) (٧)

٣ - أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((رخص لعمه العباس أن يبيت في مكة ليالي التشريق من أجل السقاية)) (٨).

وجه الدلالة:

أن كلمة (رخص) تدل على أن الأصل الوجوب؛ لأن الرخصة لا تقال إلا في مقابل أمر واجب وعزيمة (٩).

٤ - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: ((لا يبيتن أحد من الحاج من وراء العقبة وكان يوكل بذلك رجالا لا يتركون أحدا من الحاج يبيت من وراء العقبة إلا أدخلوه)) (١٠) (١١).

مسألة: حكم المبيت بمنى ليلة الثالث عشر للمتعجِّل


(١) [٢٧٨٨])) أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، قال ابن عبدالبر: (فأيام منى ثلاثة بإجماع، وهي أيام التشريق وهي الأيام المعدودات، فقف على ذلك) ((التمهيد)) (٢١/ ٢٣٣)، وانظر: (١٢/ ١٢٩).
(٢) قال ابن عبدالبر: (لا أعلم أحدا أرخص في المبيت عن منى ليالي منى للحاج إلا الحسن البصري، ورواية رواها عكرمة عن ابن عباس) ((التمهيد)) (١٧/ ٢٦٢). وقال: (أجمع الفقهاء على أن المبيت للحاج غير الذين رخص لهم ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه) ((التمهيد)) (١٧/ ٢٦٣). وقال القرطبي: (ولا تجوز البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق، فإن ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء ولمن ولي السقاية من آل العباس) ((الجامع لأحكام القرآن)) (٣/ ٧).
(٣) [٢٧٩٠])) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٧٥ - ٣٧٦)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (١/ ١٣٨).
(٤) [٢٧٩١])) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٤٧)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (١/ ٥٠٥).
(٥) [٢٧٩٢])) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٣٥،٤٤)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٥١٠،٥٢١).
(٦) رواه مسلم (١٢٩٧)
(٧) رواه أبو داود (١٩٧٣)، وأحمد (٦/ ٩٠) (٢٤٦٣٦)، والدارقطني في ((السنن)) (٢/ ٢٧٤)، وابن حبان (٩/ ١٨٠) (٣٨٦٨)، والحاكم (١/ ٦٥١)، والبيهقي (٥/ ١٤٨) (٩٩٤١). قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (٧/ ١٤١)، وجود إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٣٤٢)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح إلا قوله: (حين صلى الظهر) فهو منكر.
(٨) رواه البخاري (١٦٣٤)، ومسلم (١٣١٥)
(٩) [٢٧٩٦])) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٣٨٩ - ٣٩٠)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٣/ ٢٤١).
(١٠) رواه مالك في ((الموطأ)) (٣/ ٥٩٥)، والبيهقي (٥/ ١٥٣) (٩٩٧٢). قال ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (١٧/ ٢٦٣): (أحسن ما في هذا الباب)، وقال ابن حزم في ((المحلى)) (٧/ ١٨٥): (صح هذا عنه رضي الله عنه، وعن ابن عباس مثل هذا)، وصحح إسناده ابن حجر في ((الدراية)) (٢/ ٢٩).
(١١) [٢٧٩٨])) قال ابن عبدالبر: (والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دماً؛ قياساً على سائر شعائر الحج ونسكه، وأحسن ما في هذا الباب ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: لا يبيتن أحد من الحاج من وراء العقبة، وكان يوكل بذلك رجالاً لا يتركون أحداً من الحاج يبيت من وراء العقبة إلا أدخلوه. وهذا يدل على أن المبيت من مؤكدات أمور الحج والله أعلم) ((التمهيد)) (١٧/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>