للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: رؤية هلال شوال]

الفرع الأول: العدد المعتبر في الرؤية

لا بد من إخبار شاهدين عدلين برؤية هلال شوال، وهو قول أكثر العلماء (١).

الأدلة:

١ - عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ((أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا)) (٢).

المراد بقوله: ((وأفطروا)): أي خروج شهر الصوم، ودخول شوال.

ومفهوم الحديث: عدم قبول شهادة الواحد على رؤية هلال شوال.

٢ - ما رواه رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لأهل الهلال أمس عشية، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا، وأن يغدوا إلى مصلاهم)) (٣).

الفرع الثاني: حكم من رأى هلال شوال وحده

من رأى هلال شوال لوحده فإنه لا يفطر حتى يفطر الناس (٤)، وهو مذهب الجمهور من الحنفية (٥)، والمالكية والحنابلة، (٦)، وهو اختيار ابن تيمية (٧)، وابن باز (٨)، وابن عثيمين (٩).

الدليل:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( .. والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون)) (١٠).

فإذا لم يفطر الناس وجب أن لا يفطر.


(١) قال ابن عبد البر: (أما الشهادة على رؤية الهلال فأجمع العلماء على أنه لا تقبل في شهادة شوال في الفطر إلا رجلان عدلان) ((التمهيد)) (١٤/ ٣٥٤). قال ابن قدامة: (وجملة ذلك أنه لا يقبل في هلال شوال إلا شهادة اثنين عدلين في قول الفقهاء جميعهم، إلا أبا ثور، فإنه قال: يقبل قول واحد) ((المغني)) (٣/ ٤٨). قال النووي: (وأما الفطر فلا يجوز بشهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل) ((شرح النووي)) (٧/ ١٩٠). وانظر ((مجموع الفتاوى لابن تيمية)) (٢٥/ ١٨٦). وقال ابن باز: (لا بد من شاهدين عدلين في جميع الشهور ما عدا دخول رمضان، فيكفي لإثبات دخوله شخص واحد عدل) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ٦١،٦٢،٦٤). وقال ابن عثيمين: (وهلال شوال وغيره من الشهور لا يثبت إلا بشاهدين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا) ((الشرح الممتع)) (٦/ ٣٢٠).
(٢) رواه النسائي (٤/ ١٣٢). وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (٤/ ١٨٩): إسناده لا بأس به على اختلاف فيه، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي))، وصححه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (١٥/ ١٢٣))، وقال في ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ١٤٧): إسناده حسن.
(٣) رواه أبوداود (٢٣٣٩)، والدارقطني (٢/ ٣٧٤)، والبيهقي في ((السنن الصغرى)) (٢/ ٩١)، والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الدارقطني: (إسناده حسن ثابت)، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (ص: ٣٨٠) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (٢/ ١١٣)، وفي ((نيل الأوطار)) (٤/ ١٨٨): رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود) (٢٣٣٩).
(٤) وذلك لأن اتفاق الخلق الكثير على عدم رؤيته يدل على خطأ هذا الرائي.
(٥) ((مجمع الأنهر لشيخي زاده)) (١/ ٣٥١)، ((الفتاوى الهندية)) (١/ ١٩٨).
(٦) ((المغني لابن قدامة)) (٣/ ٤٩)، ((الإنصاف للمرداوي)) (٣/ ١٩٦ - ١٩٧).
(٧) قال ابن تيمية: (فالمنفرد برؤية هلال شوال لا يفطر علانية باتفاق العلماء، إلا أن يكون له عذر يبيح الفطر كمرض وسفر وهل يفطر سرا على قولين للعلماء أصحهما لا يفطر سرًّا) ((مجموع الفتاوى)) (٢٥/ ٢٠٤).
(٨) قال ابن باز: ( .. يفطر مع الناس، ولا يعمل بشهادة نفسه في أصح أقوال أهل العلم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ٦٣).
(٩) قال ابن عثيمين: (وأما في مسألة الفطر فإنه لا يفطر تبعاً للجماعة، وهذا من باب الاحتياط، فنكون قد احتطنا في الصوم والفطر، ففي الصوم قلنا له: صم، وفي الفطر قلنا له: لا تفطر بل صم) ((الشرح الممتع)) (٦/ ٣٢٠).
(١٠) رواه الترمذي (٦٩٧) واللفظ له، وابن ماجه (١٣٥٥)، والدارقطني (٢/ ٣٦٦). قال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٢/ ١٥٩)، وقال النووي في ((المجموع)) (٦/ ٢٨٣): إسناده حسن، وصححه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>