أصحاب المهن الشاقة داخلون في عموم المكلفين، وليسوا في معنى المرضى والمسافرين، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان، وأن يصبحوا صائمين، لكن من كان يعمل بأحد المهن الشاقة وكان يضره ترك عمله، وخشي على نفسه التلف أثناء النهار، أو لحوق مشقة عظيمة فإنه يُفطر على قدر حاجته بما يدفع المشقة فقط، ثم يمسك يقية يومه إلى الغروب ويفطر مع الناس، وعليه القضاء (١).
(١) جاء في الفتاوى الهندية: (المحترف المحتاج إلى نفقته علم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه ضرر مبيح للفطر، يحرم عليه الفطر قبل أن يمرض، كذا في القُنْية) ((الفتاوى الهندية)) (١/ ٢٠٨)، وانظر ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٢٠). قال البهوتي: (وقال أبو بكر الآجري: مَن صنعته شاقة فإن خاف - بالصوم- تلفا أفطر وقضى - إن ضره ترك الصنعة- فإن لم يضره تركها أثم - بالفطر ويتركها -، وإلا - أي: وإن لم ينتف التضرر بتركها- فلا - إثم عليه بالفطر للعذر) ((كشاف القناع)) (٢/ ٣١٠). وانظر ((التاج والإكليل للمواق)) (٢/ ٣٩٥). وقالت اللجنة الدائمة: (لا يجوز للمكلف أن يفطر في نهار رمضان لمجرد كونه عاملا، لكن إن لحق به مشقة عظيمة اضطرته إلى الإفطار في أثناء النهار فإنه يفطر بما يدفع المشقة ثم يمسك إلى الغروب ويفطر مع الناس ويقضي ذلك اليوم الذي أفطره) ((فتاوى اللجنة الدائمة-المجموعة الأولى)) (١٠/ ٢٣٣). وقالت أيضا: ( ... يجعل الليل وقت عمله لدنياه، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته، فالعمل كثير وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة ولن يعدم المسلم وجها من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله .. وعلى تقدير أنه لم يجد عملا دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لايتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة .. فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام) ((فتاوى اللجنة الدائمة-المجموعة الأولى)) (١٠/ ٢٣٥ - ٢٣٦). وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: (أما بالنسبة لأصحاب الحرف فمفاد نصوص الفقهاء أنه إن كان هناك حاجة شديدة لعمله في نهار رمضان، أو خشي تلف المال إن لم يعالجه، أو سرقة الزرع إن لم يبادر لحصاده، فله أن يعمل مع الصوم ولو أداه العمل إلى الفطر حين يخاف الجهد، وليس عليه ترك العمل ليقدر على إتمام الصوم، وإذا أفطر فعليه القضاء فقط) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (١٧/ ١٧٦).