للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: تعجيل الفطر]

تمهيد

يسن للصائم تعجيل الفطر إذا تحقق من غروب الشمس (١).

الأدلة:

١ - عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)). أخرجه البخاري ومسلم (٢).

٢ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون)) (٣).

٣ - وقد نقل الاتفاق على استحباب تعجيل الفطر: ابن دقيق العيد (٤).

الفرع الأول: حكم الفطر بغلبة الظن

يجوز الفطر بغلبة الظن، وهو قول جمهور أهل العلم (٥).

الدليل:

عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: ((أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس)). أخرجه البخاري (٦).

وجه الدلالة:

أنَّ الصحابة أفطروا بناءً على اجتهادٍ منهم حيث غلب على ظنهم أن الشمس قد غربت وكانوا في يوم غيمٍ مع أنها في نفس الأمر لم تغرب ولم يُنكر عليهم ما فعلوه من العمل بالظن الغالب.

وغلبة الظن إنما تكون عند وجود علامات ودلائل تدل على غروب الشمس بحيث يغلب على ظن الصائم دخول وقت الإفطار.

الفرع الثاني: حكم قضاء الصائم الذي أفطر في صومٍ واجبٍ، ظانًّا أن الشمس قد غربت

إذا أفطر الصائم في صومٍ واجب، ظاناً أن الشمس قد غربت، ثم تبين له أنها لم تغرب، فإن عامة أهل العلم على أنه يلزمه الإمساك (٧). واختلفوا في قضائه على قولين:


(١) قال ابن عبد البر: (من السنة تعجيل الفطر وتأخير السحور، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس) ((التمهيد)) (٢١/ ٩٧).
(٢) رواه البخاري (١٩٥٧)، ومسلم (١٠٩٨).
(٣) رواه أبو داود (٢٣٥٣)، وأحمد (٢/ ٤٥٠) (٩٨٠٩)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٢/ ٢٥٣) (٣٣١٣)، وابن خزيمة (٣/ ٢٧٥)، وابن حبان (٨/ ٢٧٣) (٣٥٠٣)، والحاكم (١/ ٥٩٦). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (٦/ ٣٥٩)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(٤) قال ابن دقيق العيد: (تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب: مستحب باتفاق) ((إحكام الأحكام)) (١/ ٢٨١).
(٥) ((حاشية رد المحتار لابن عابدين)) (٢/ ٤٠٥)، ((الفواكه الدواني للنفراوي)) (٢/ ٧٠٢)، ((المجموع للنووي)) (٦/ ٣٠٧)، ((الإنصاف للمرداوي)) (٣/ ٢٢٠).
(٦) رواه البخاري (١٩٥٩).
(٧) قال ابن قدامة: (وكل من أفطر والصوم لازم له كالمفطر يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب .. يلزمهم الإمساك لا نعلم بينهم فيه اختلافاً) ((المغني)) (٣/ ٣٣). وقال ابن عثيمين: (من أفطر قبل أن تغرب الشمس إذا تبين أن الشمس لم تغرب، وجب عليه الإمساك) ((الشرح الممتع)) (٦/ ٣٨٩ - ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>