للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: حكم الاشتراك في الهدي]

يجوز الاشتراك في الهدي في الإبل والبقر إلى حد سبعة أشخاص، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣).

الأدلة:

أولا: الدليل من الكتاب:

قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أن (من) للتبعيض، فجاز الاشتراك في الهدي بظاهر الآية (٤).

ثانياً: الدليل من السنة:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: ((نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية البدنة عن سبعة, والبقرة عن سبعة)) (٥).

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((فنحر عليه السلام ثلاثاً وستين, فأعطى علياً فنحر ما غبر, وأشركه في هديه)) (٦).

عن أبي جمرة قال: ((سألت ابن عباس رضي الله عنهما، عن المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي، فقال: فيها جزور, أو بقرة, أو شاة, أو شرك في دم)) (٧).

ثالثاً: أنه ورد ذلك عن طائفة كبيرة من الصحابة رضي الله عنهم: منهم علي، وابن مسعود، وعائشة، وأنس، وإليه رجع ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين (٨).

رابعاً: القياس على اشتراك أهل البيت في الأضحية (٩).

مسألة: لا يجوز أن يستعاض عن ذبح الهدي بالتصدق بقيمته.

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أن الله جل وعلا أوجب على المتمتع الهدي في حال القدرة عليه، فإذا لم يجد هدياً أو ثمنه، فإنه ينتقل إلى الصيام، ولم يجعل الله واسطة بين الهدي والصيام، ولا بدلا عن الصيام عند العجز عنه (١٠).

ثانياً: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثم ليهل بالحج ويهدي, فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)) (١١).

ثالثاً: الإجماع:

أخذ الصحابة, والتابعون, ومن بعدهم من المجتهدين بما دل عليه القرآن, ودلت عليه السنة من وجوب الهدي على المتمتع والقارن, فإذا لم يجد هدياً أو لم يجد ثمنه فإنه يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله (١٢).

رابعاً: أن المقصود من هذه العبادة إراقة الدم وأما اللحوم فهي مقصودة بالقصد الثاني قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: ٣٧]، وفي الاكتفاء بالتصدق بالثمن دون إراقة الدم إضاعة للقصد الأول (١٣).

خامساً: أن النسك عبادة مبنية على التوقيت، فلا يجوز العدول عن المشروع إلا بدليل شرعي موجب للعدول عنه, وكل تشريع مبني على التوقيت فإنه لا يدخله الاجتهاد, ومنه القول بالمصلحة المدعاة هنا (١٤).


(١) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٢٢٣)، ((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (١/ ١٨٥).
(٢) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٥٢)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٥).
(٣) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤٠)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٤٢١).
(٤) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ١٥٤).
(٥) رواه مسلم (١٣١٨)
(٦) رواه مسلم (١٢١٨)
(٧) رواه البخاري (١٦٨٨)، ومسلم (١٢٤٢)
(٨) قال ابن حزم: (فصح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إجماع من الصحابة)) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ١٥١).
(٩) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٥٤).
(١٠) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤/ ٢٠٨).
(١١) رواه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧)
(١٢) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤/ ٢٠٨).
(١٣) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤/ ٢٠٩).
(١٤) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>