للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الخامس: من آداب التضحية وسننها]

المبحث الأول: حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار لمن أراد أن يضحي

اختلف الفقهاء في حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار لمن أراد أن يضحي على قولين:

القول الأول: الجواز، وهذا مذهب الحنفية (١)، وقول للمالكية (٢)، وبه قال الليث بن سعد (٣)، واختاره ابن عبدالبر (٤)، وحكاه عن سائر فقهاء المدينة والكوفة (٥).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن عائشة قالت: ((أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما أحله الله حتى نحر الهدي)) (٦).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم عليه شيء يبعثه بهديه، والبعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعل ما نهى عنه (٧).

ثانياً: أن إرادة التضحية إذا كانت لا تمنع من الجماع، وهو أغلظ ما يحرم بالإحرام, كانت أحرى أن لا تمنع مما دون ذلك (٨).

ثالثاً: أنه لا يصح قياسه على المحرم، فإنه لا يحرم عليه الوطء واللباس والطيب، فلا يكره له حلق الشعر، وتقليم الأظفار (٩).


(١) شرح معاني الآثار (٤/ ١٨٢)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٤٣٧).
(٢) عن عمران بن أنس: (أنه سأل مالكا عن حديث أم سلمة هذا، فقال: ليس من حديثي، قال: فقلت لجلسائه: قد رواه عنه شعبة وحدث به عنه وهو يقول ليس من حديثي، فقالوا لي: إنه إذا لم يأخذ بالحديث قال فيه: ليس من حديثي). ((التمهيد)) (١٧/ ٢٣٧).
(٣) قال الليث بن سعد وقد ذكر له حديث سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أهل عليه منكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي))، فقال الليث: (قد روي هذا والناس على غير هذا). ((التمهيد)) (١٧/ ٢٣٥).
(٤) ((التمهيد)) (١٧/ ٢٣٥).
(٥) ((التمهيد)) (١٧/ ٢٣٥).
(٦) رواه البخاري (١٧٠٠)، ومسلم (١٣٢١).
(٧) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٣٩٢)، ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٤٣٧).
(٨) عن سعيد بن المسيب قال: ((من أراد أن يضحي فدخلت أيام العشر، فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره))، فذكرته لعكرمة فقال: ((ألا يعتزل النساء، والطيب)) سنن النسائي (/)، وينظر: ((شرح معاني الآثار)) (٤/ ١٨٢)، وينظر: ((سبل السلام)) (٤/ ٩٦).
(٩) ((شرح معاني الآثار)) (٤/ ١٨٢)، ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>