للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السادس: لبس المخيط]

تمهيد: تعريف المخيط

المخيط: هو المفصَّل على قدر البدن أو العضو، بحيث يحيط به، ويستمسك عليه بنفسه، سواء كان بخياطة أو غيرها، مثل: القميص، والسراويل، ونحو ذلك (١).

المطلب الأول: حكم لبس المخيط للذَّكَر

لبس المخيط للذكر من محظورات الإحرام.

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: ((بينما النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة، ومعه نفر من أصحابه، جاءه رجل، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة، وهو مُتَضَمِّخ بطيب، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة، فجاءه الوحي، ثم سُرِّي عنه، فقال: أين الذي سأل عن العمرة؟ فأتي برجل، فقال: اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات، وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك)) (٢).

وجه الدلالة:

أنه لما عَلِمَ أنه محرم أمره بأن ينزع عنه الجبة، فدل على أن لبس الجبة ونحوها من المخيط المحظور على المحرم.

٢ - عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف)) (٣).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن خمسة أنواع من اللباس تشمل جميع ما يحرم، وقد أوتي جوامع الكَلِم، وذلك أن اللباس إما أن يصنَع للبدن فقط فهو القميص، وما في معناه، أو للرأس فقط وهو العمامة وما في معناه، أو لهما وهو البُرْنُس وما في معناه، أو للفخذين والساق وهو السراويل وما في معناه، أو للرِّجلين وهو الخف ونحوه (٤).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر (٥)، وابن حزم (٦)، وابن عبدالبر (٧)، وابن رشد (٨).

المسألة الأولى: من أحرم بالمخيط أو لبسه بعد إحرامه لعدم حمله التصريح


(١) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٨)، ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٨٩)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٥٥)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٦٧).
(٢) رواه البخاري (١٥٣٦)، ومسلم (١١٨٠)
(٣) رواه البخاري (٥٨٠٣)، ومسلم (١١٧٧)
(٤) ينظر ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٢٧، ١٣٠، ١٣١).
(٥) قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القمص، والعمائم، والسراويلات، والخفاف، والبرانس، وأجمعوا على أن للمرأة المحرمة: لبس القميص، والدّروع، والسراويل، والخمر، والخفاف) ((الإجماع)) (ص: ٥٣)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٥٤).
(٦) قال ابن حزم: (أجمعوا أَن الرجل المحرم يجتنب لباس العمائم والقلانس والجباب والقمص والمخيط والسراويل التي لا تسمى ثيابًا إن وجد إزارا) ((مراتب الإجماع)) (ص: ٤٢).
(٧) قال ابن عبدالبر: (لا يجوز لباس شيء من المخيط عند جميع أهل العلم) ((الاستذكار)) (٤/ ١٤)، ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٧٢).
(٨) قال ابن رشد: (اتفق العلماء على أنه لا يلبس المحرم قميصا ولا شيئا مما ذكر في هذا الحديث ولا ما كان في معناه من مخيط الثياب وأن هذا مخصوص بالرجال أعني تحريم لبس المخيط وأنه لا بأس للمرأة بلبس القميص والدرع والسراويل والخفاف والخمر) انظر: ((بداية المجتهد)) (١/ ٣٢٦، ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>