للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: حكم عقد النكاح للمحرم]

يحرم عقد النكاح على المحرم، ولا يصح، سواء كان المحرم الولي، أو الزوج، أو الزوجة، ولا فدية فيه، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، والظاهرية (٤)، وهو قول طوائف من السلف (٥).

الأدلة:

أ- أدلة تحريم النكاح وعدم صحته

أولاً: من السنة:

عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لايَنكِح المحرِم، ولا يُنكِح، ولا يخطُب)) (٦).

وجه الدلالة:

أنه منهيٌّ عنه لهذا الحديث الصحيح، والنهي يقتضي الفساد (٧).

ثانياً: أقوال الصحابة رضي الله عنهم:

١ - عن أبي غطفان بن طريف المري ((أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم، فرد عمر بن الخطاب نكاحه)) (٨).

٢ - عن قتيبة بن وهب: ((أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير، فأرسل إلى أبان بن عثمان ليحضر ذلك وهما محرمان، فأنكر ذلك عليه أبان، وقال سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب)) (٩).

وروي ذلك: عن علي وابن عمر رضي الله عنهم، وليس يعرف لهما من الصحابة مخالف (١٠).

ثالثاً: إجماع أهل المدينة

عن سعيد بن المسيب: ((أن رجلاً تزوج وهو محرم، فأجمع أهل المدينة على أن يفرَّق بينهما)) (١١).

رابعاً: أن الإحرام معنىً يمنع من الوطء ودواعيه، فوجب أن يمنع من النكاح، كالطيب (١٢).

خامساً: أنه عقد يمنع الإحرام من مقصوده وهو الوطء، فمنع أصله، كشراء الصيد (١٣).

ب- أدلة عدم وجوب الفدية فيه

أولاً: عدم الدليل على وجوب الفدية، والأصل براءة الذمة (١٤).

ثانياً: أنه وسيلة لم يترتب عليها الانتفاع بالمقصد المحرم، والذي يجبر إنما هو المقاصد (١٥).

ثالثاً: أنه فَسَدَ لأجل الإحرام، فلم يجب به فدية، كشراء الصيد (١٦).


(١) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ١١٨)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٣١)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٠١، ٣٤٤).
(٢) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٢٣)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٨٣، ٢٨٨).
(٣) ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣١١، ٣١٤)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٥١، ١٥٥).
(٤) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ١٩٧رقم ٨٦٩)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٨٧).
(٥) قال ابن عبدالبر: (قال مالك والشافعي وأصحابهما والليث والأوزاعي لا ينكح المحرم ولا ينكح فإن فعل فالنكاح باطل، وهو قول عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن عمر وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وسالم بن عبدالله وسليمان بن يسار وبه قال أحمد بن حنبل) ((الاستذكار)) (٤/ ١١٨)، وقال النووي: (مذهبنا أنه لا يصح تزوج المحرم ولا تزويجه وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وهو مذهب عمر بن الخطاب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وسليمان بن بشار والزهري) ((المجموع)) (٧/ ٢٨٧)، وينظر: ((أضواء البيان)) (٥/ ١٧).
(٦) رواه مسلم (١٤٠٩)
(٧) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٨٤،٢٨٨).
(٨) رواه مالك في ((الموطأ)) (٣/ ٥٠٦)، والبيهقي (٥/ ٦٦) (٩٤٢٩). وصحح إسناده ابن كثير في ((مسند الفاروق)) (١/ ٤٠٤)
(٩) رواه مسلم (١٤٠٩).
(١٠) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٢٤)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ٢٥).
(١١) أخرجه البيهقي (٥/ ٦٦).
(١٢) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٢٤)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٨٣،٢٨٩)، ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣١٢).
(١٣) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٨٩).
(١٤) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٥٥).
(١٥) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٠١، ٣٤٤).
(١٦) ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>