للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: من شرع في صوم تطوع هل يلزمه إتمامه]

من شرع في صوم تطوعٍ فيُستحَبُّ إتمامه ولا يلزمه، وهذا مذهب الشافعية (١)، والحنابلة (٢)، وهو قول طائفةٍ من السلف (٣).

الأدلة:

١ - عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ((دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإني إذًا صائم، ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس، فقال: أرينيه، فلقد أصبحت صائماً. فأكل)). أخرجه مسلم (٤).

٢ - عن أبي جحيفة قال: ((آخى النبي صلي الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذِّلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له في الدنيا حاجة. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما، فقال: كل فإني صائم. قال ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل. فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم. فنام ثم ذهب يقوم، فقال: نم. فنام، ثم ذهب يقوم، قال: نم. فنام. فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن. فصليا. فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلي الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: صدق سلمان)). أخرجه البخاري (٥).

٣ - عن أم هانئ قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر)) (٦).


(١) قال النووي: (قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب البقاء فيهما، وأن الخروج منهما بلا عذر ليس بحرام، ولا يجب قضاؤهما، وبهذا قال عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٤٢١)، ((مغني المحتاج للشربيني الخطيب)) (١/ ٤٤٨).
(٢) ((المغني لابن قدامة)) (٣/ ٤٤)، ((كشاف القناع للبهوتي)) (٢/ ٣٤٢).
(٣) نقل النووي وابن قدامة هذا القول عن ابن عمر، وعلي، وابن عباس، وابن مسعود وابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، وكذا عن سفيان الثوري وإسحاق. ((المغني)) (٣/ ٤٤) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٤٩٣).
(٤) رواه مسلم (١١٥٤).
(٥) رواه البخاري (١٩٦٨).
(٦) رواه أحمد (٦/ ٣٤١) (٢٦٩٣٧)، والترمذي (٧٣٢) بلفظ: ((أمين نفسه)) بدلاً من ((أمير نفسه))، والطيالسي (٣/ ١٨٠)، والحاكم (١/ ٦٠٤)، والبيهقي (٤/ ٢٧٦) (٨٦٠٧). قال أحمد في ((شرح ثلاثيات المسند)) (٢/ ٣٥): صحيح، وقال النووي في ((المجموع)) (٦/ ٣٩٥): إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في ((تحريج مشكاة المصابيح)) (٢/ ٣٥٠) كما قال ذلك في المقدمة، وصححه العجلوني في ((كشف الخفاء)) (٢/ ٢٦)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

<<  <  ج: ص:  >  >>