للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: خروج المني]

الفرع الأول: الاستمناء في نهار رمضان

أولاً: تعريف الاستمناء

الاستمناء لغة: مصدر استمنى، أي: طلب خروج المني (١).

الاستمناء اصطلاحاً: إخراج المني؛ استدعاءً لشهوةٍ بغير جماع، سواء أخرجه بيده، أو بيد زوجته (٢).

ثانياً: حكم من استمنى فى نهار رمضان

من استمنى فقد فسد صومه، وعليه القضاء، وهذا قول عامة الحنفية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥).

الأدلة:

١ - من السنة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي)). أخرجه البخاري ومسلم (٦).

واستدعاءُ المني شهوةٌ بلا شك.

٢ - من القياس:

فقد جاءت السنة بفطر الصائم بالاستقاء إذا قاء، وهو يضعف البدن، فخروج الطعام يضعف البدن؛ لأن المعدة تبقى خالية فيجوع الإنسان ويعطش سريعاً. وخروج المني يحصل به ذلك فيفتر البدن بلا شك؛ ولهذا أمر بالاغتسال ليعود النشاط إلى البدن، فيكون هذا قياساً على من استقاء عمداً.

- ولا كفارة فيه؛ لأن النص إنما ورد في الجماع، والاستمناء ليس مثله.

الفرع الثاني: حكم من باشر أو قبل أو لمس فأنزل

من أنزل المني بمباشرة دون الفرج أو بتقبيل أو لمس، فإنه يفطر بذلك، وعليه القضاء فقط.

الدليل:

الإجماع:

فقد حكى الإجماع على ذلك ابن قدامة (٧)، والماوردي (٨).

ولا كفارة عليه كما هو مذهب الحنفية (٩)، والشافعية (١٠)، والحنابلة (١١)؛ وذلك لأن النص إنما ورد في الجماع فقط، وما سواه ليس في معناه؛ لأن الجماع أغلظ.

الفرع الثالث: حكم من كرر النظر حتى أنزل

من كرَّر النظر حتى أنزل، فقد ذهب الحنابلة، وبعض أهل العلم (١٢)، إلى أنه يفطر ولا كفارة عليه (١٣)

وذلك لأن النظرة الواحدة لا تفسد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لك الأولى وليست لك الآخرة)) (١٤). والإنسان لا يستطيع اجتناب هذا، بخلاف تكرار النظر؛ فإن فيه استدعاء المني، فيكون حكمه حكم الاستمناء.

ولا كفارة فيه؛ لأن النص إنما ورد في الجماع، وتكرار النظر ليس مثله.


(١) ((لسان العرب لابن منظور)) (مادة: م ن ي)، ((المصباح المنير للفيومي)) (مادة: م ن ي).
(٢) ((مغني المحتاج للشربيني الخطيب)) (١/ ٤٣٠)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (٤/ ٩٧).
(٣) ((بدائع الصنائع)) (٢/ ٩٤)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح - (١/ ٤٣٧)
(٤) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٣٢٢).
(٥) ((المغني)) (٣/ ٢١)
(٦) رواه البخاري (٧٤٩٢) واللفظ له، ومسلم (١١٥١).
(٧) قال ابن قدامة: (إذا قبل فأمنى أو أمذى، ولا يخلو المقبل من ثلاثة أحوال .. الحال الثاني: أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه؛ لما ذكرناه من إيماء الخبرين؛ ولأنه إنزال بمباشرة، فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج) ((المغني)) (٣/ ٢٠)
(٨) قال الماوردي: (أما إن وطئ دون الفرج أو قبل أو باشر فلم ينزل فهو على صومه لا قضاء عليه، ولا كفارة وإن أنزل فقد أفطر، ولزمه القضاء إجماعا) ((الحاوي الكبير)) (٣/ ٩٤٥)
(٩) ((بدائع الصنائع للكاساني)) (٢/ ٩٣)
(١٠) ((الحاوي الكبير للماوردي)) (٣/ ٩٤٥)
(١١) ((الإنصاف للمرداوي)) (٣/ ٢٢٥)
(١٢) نقل ابن قدامة هذا القول عن: أحمد، وعطاء، والحسن البصريِّ، ومالك، والحسن بن صالح. ((المغني)) (٣/ ٢١).
(١٣) وذلك لأنه إنزال بفعل يتلذذ به ويمكن التحرز منه.
(١٤) رواه أحمد (٥/ ٣٥١) (٢٣٠٢٤)، وأبو داود (٢١٤٩)، والترمذي (٢٧٧٧)، والحاكم (٢/ ٢١٢). من حديث بريدة رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٣/ ٢٥٢)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

<<  <  ج: ص:  >  >>