للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الرابع: حكم من أنزل بتفكير مجرد عن العمل

من أنزل بتفكيرٍ مجردٍ عن العمل فلا يفطر، سواء كان تفكيراً مستداماً أو غير مستدام (١)، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور من الحنفية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤).

الدليل:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به أو تكلم)). أخرجه البخاري ومسلم (٥).

والفكر من حديث النفس.

الفرع اخامس: حكم من نام فاحتلم في نهار رمضان

من نام فاحتلم في نهار رمضان فصومه صحيح (٦).

الدليل:

الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن عبد البر (٧)، والنووي (٨)، وابن تيمية (٩).

الفرع السادس: حكم خروج المذي من الصائم

خروج المذي من الصائم لا ينقض صومه، وقد ذهب إلى ذلك الحنفية (١٠)، والشافعية (١١)، وهي إحدى الروايتين عن أحمد (١٢)، واختاره ابن المنذر (١٣) والصنعاني (١٤)؛ وابن عثيمين (١٥)، وذلك لأنه خارجٌ لا يوجب الغسل فأشبه البول، وقياسه على المني لا يصح لمخالفته في الأحكام فهو قياسٌ مع الفارق، ولأن الشهوة لا تنكسر به مثل المني؛ وأيضا لعدم ورود النص على كونه مفطرا، والأصل صحة الصوم؛ وكذلك لأن الشرع أباح التقبيل والمباشرة لمن يملك نفسه، والتي يكون حاصلها المذي.


(١) وذلك لأنه لا نص في الفطر به ولا إجماع، ولا يمكن قياسه على المباشرة ولا تكرار النظر؛ لأنه دونهما في استدعاء الشهوة، وإفضائه إلى الإنزال؛ وأيضا لأنه إنزال من غير مباشرة، فأشبه الاحتلام.
(٢) ((المبسوط للسرخسي)) (٣/ ٦٦).
(٣) ((روضة الطالبين للنووي)) (٢/ ٣٦١). قال الماوردي: (أما إن فكر بقلبه فأنزل، فلا قضاء عليه ولا كفارة إجماعا؛ لأن الفكر من حديث النفس، ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: إن اللَّه تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها) ((الحاوي الكبير)) (٣/ ٤٤٠).
(٤) ((المغني لابن قدامة)) (٣/ ٢١)، ((الإنصاف للمرداوي)) (٣/ ٢١٨). وقال ابن تيمية: (لو غلبَه الفكرُ حتى أنزل لم يَفسُد صومُه باتفاق الأئمة) ((جامع المسائل)) (٤/ ٣٥٢).
(٥) رواه البخاري (٦٦٦٤) واللفظ له، ومسلم (١٢٧).
(٦) وذلك لأنه مغلوبٌ ولا اختيار له، أشبه من طارت ذبابة فوقعت في حلقه دون اختياره.
(٧) ((التمهيد لابن عبد البر)) (١٧/ ٤٢٥).
(٨) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٣٢٢).
(٩) قال ابن تيمية: (ومن احتلم بغير اختياره كالنائم لم يفطر باتفاق الناس) ((مجموع الفتاوى)) (٢٥/ ٢٢٤).
(١٠) انظر ((المبسوط للشيباني)) (٢/ ٢٣٨)، ((الإشراف لابن المنذر)) (٣/ ١٢٣).
(١١) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٣٣٣).
(١٢) ((الإنصاف للمرداوي)) (٣/ ٢١٤).
(١٣) قال ابن المنذر: (اختلفوا في الصائم يلمس فيمذي فقالت طائفة لا شيء عليه من قضاء ولا غيره ...... قال أبو بكر –أي ابن المنذر -: لا شيء عليه) ((الإشراف)) (٣/ ١٢٣).
(١٤) ((سبل السلام)) (٢/ ١٥٨).
(١٥) ((الشرح الممتع)) (٦/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>