للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: مقدمات الجماع]

المطلب الأول: حكم مباشرة النساء في النسك

تحرم مباشرة النساء في النسك (١)، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية (٢)، والمالكية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥)، وحُكي فيه الإجماع (٦).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: ١٩٧].

والرفث فسره غير واحد من السلف وبعض أهل العلم بالجماع ومقدماته (٧)

ثانياً: أنه إذا حَرُم عليه عقد النكاح فلأن تحرم المباشرة وهي أدعى إلى الوطء أولى (٨).

المطلب الثاني: هل يفسد النسك بالمباشرة؟

مباشرة النساء من غير وطء لا تفسد النسك، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٩)، والمالكية (١٠)، والشافعية (١١)، والحنابلة (١٢).

وذلك للآتي:

أولا: أن فساد النسك تعلق بالجماع، ودواعي الجماع ليست مثل الجماع، فلا تلحق به (١٣).

ثانيا: أنه استمتاع محض فلم يفسد الحج، كالطيب (١٤).

المطلب الثالث: فدية من باشر فلم ينزل

من باشر ولم ينزل فعليه دم أو بدله من الإطعام أو الصيام، وهذا مذهب الشافعية (١٥)، والحنابلة (١٦)، وقال به طائفة من السلف (١٧) وهو اختيار ابن عثيمين (١٨).

الأدلة:

أولاً: من الآثار:


(١) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٩١)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٦٢).
(٢) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٣/ ١٦).
(٣) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٩٦).
(٤) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٩١، ٢٩٢).
(٥) ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٤٠)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٤٩).
(٦) قال الشنقيطي: (اعلم أنهم متفقون على مقدمات الجماع كالقبلة، والمفاخذة، واللمس بقصد اللذة حرام على المحرم، ولكنهم اختلفوا فيما يلزمه لو فعل شيئا من ذلك) ((أضواء البيان)) (٥/ ٣٠).
(٧) قال ابن نجيم: (الجماع فيما دون الفرج من جملة الرفث، فكان منهيا عنه بسبب الإحرام، وبالإقدام عليه يصير مرتكبا محظورَ إحرامه) ((البحر الرائق)) (٣/ ١٦). وقال الشنقيطي: (الأظهر في معنى الرفث في الآية أنه شامل لأمرين: أحدهما: مباشرة النساء بالجماع ومقدماته. والثاني: الكلام بذلك كأن يقول المحرم لامرأته: إن أحللنا من إحرامنا فعلنا كذا وكذا، ومن إطلاق الرفث على مباشرة المرأة كجماعها قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ *البقرة: ١٨٧ فالمراد بالرفث في الآية: المباشرة بالجماع ومقدماته) ((أضواء البيان)) (٥/ ١٣). وقال شمس الدين ابن قدامة: (كل ما فسر به الرفث ينبغي للمحرم أن يجتنبه) ((الشرح الكبير على المقنع)) (٣/ ٣٢٨، ٣٢٩).
(٨) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٩١)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٤٧).
(٩) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٣/ ١٦).
(١٠) ((الشرح الكبير)) للدردير و ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٦٨).
(١١) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٩١).
(١٢) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٤٧).
(١٣) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٣/ ١٦).
(١٤) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٤٧).
(١٥) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٩١، ٢٩٢).
(١٦) ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٤٠).
(١٧) ذكر شمس الدين ابن قدامة أن من باشر ولم ينزل فعليه شاة في الصحيح وذكره عن سعيد بن المسيب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة ومالك والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ((الشرح الكبير)) (٣/ ٣٤٠).
(١٨) قال ابن عثيمين: (فإن باشر ولم ينزل بل أمذى، أو كان له شهوة، ولكن لم يمذ، ولم ينزل فليس عليه بدنة، بل عليه فدية أذى ... فالصحيح أن المباشرة لا تجب فيها البدنة، بل فيها ما في بقية المحظورات) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>