للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: دعاء القنوت]

الفرع الأول: تعريف القنوت لغة واصطلاحاً

أولا: القنوت لغة:

يطلق القنوت لغة على عدة معان منها:

- الطاعة: ومن ذلك قوله تعالى: لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ [البقرة:١١٦]

- الصلاة: ومن ذلك قوله تعالى: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:٤٣]

- طول القيام: ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصلاة طول القنوت)) (١). أي: طول القيام.

ثانيا: القنوت اصطلاحاً:

هو الدعاء في الصلاة في محلٍّ مخصوصٍ من القيام (٢).

الفرع الثاني: حكم القنوت والمداومة عليه

المسألة الأولى: حكم القنوت في الوتر

يسن القنوت في الوتر في جميع السنة، وهو مذهب الحنفية (٣)، والحنابلة (٤)، وقول طائفة من السلف (٥) وهو اختيار ابن باز (٦)، وابن عثيمين (٧).

الدليل:

أن الأحاديث الواردة في الوتر مطلقة غير مقيدة، ومثلها حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: ((علمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ... )) الحديث (٨)، (٩).

وهو مطلق، ليس فيه تقييد بزمن معين، فيبقى على إطلاقه.

المسألة الثانية: حكم المداومة على دعاء القنوت في كل ليلة


(١) رواه مسلم (٧٥٦).
(٢) ((فتح الباري لابن حجر)) (٢/ ٤٩٠).
(٣) ((المبسوطللسرخسي)) (١/ ٣٠٠)، ((بدائع الصنائع للكاساني)) (١/ ٢٧٣)
(٤) ((المغني لابن قدامة)) (١/ ٤٤٧).
(٥) [١٢٠٠] قال ابن قدامة: (وهذا قول ابن مسعود, وإبراهيم, وإسحاق, وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن الحسن) ((المغني لابن قدامة)) (١/ ٤٤٧ - ٤٤٨)
(٦) [١٢٠١] قال ابن باز: (القنوت سنة في الوتر، وإذا تركه في بعض الأحيان فلا بأس) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (٣٠/ ٣٢)
(٧) قال ابن عثيمين: (علم – أي النبي صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي رضي الله عنه دعاء يدعو به في قنوت الوتر، فيدل على أنه سنة، لكن ليس من فعله؛ بل من قوله) ((الشرح الممتع)) (٤/ ١٩). وقال أيضا: (القنوت في الوتر سنة، لكن الاستمرار عليه دائماً ليس من السنة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٤/ ١٧٦).
(٨) رواه أبو داود في ((سننه)) (١٤٢٥)، والترمذي في ((سننه)) (٤٦٤)، ورواه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (٣/ ٣٩). الحديث سكت عنه أبوداود في ((سننه)) (١٤٢٥) [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] وقال الترمذي في ((سننه)) (٤٦٤)،: حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الدارقطني في ((الإلزامات والتتبع)) (١١٣) [يلزمهما إخراجه] أي البخاري ومسلم، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (٢/ ٢٨٥): روي من طرق ثابتة وقال النووي في ((الخلاصة)) (١/ ٤٥٥): إسناده صحيح وقال: وجاء في رواية ضعيفة زيادة: (ولا يعز من عاديت) وفي رواية بإسناد صحيح أو حسن قال: (تباركت وتعاليت، وصلى الله على النبي)، وقال ابن حجر العسقلاني في ((نتائج الأفكار)) (٢/ ١٤٧): حسن صحيح، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (١/ ١٤٠): (حديث قد صححه جماعة من الحفاظ ولا مقال فيه بما يوجب قدحا)، وصححه أحمد شاكر في ((شرح سنن الترمذي)) (٢/ ٣٢٨)، والألباني في ((صحيح الترمذي)) (٤٦٤).
(٩) (([١٢٠٤] قال الصنعاني: (والحديث دليل على مشروعية القنوت في صلاة الوتر وهو مجمع عليه في النصف الأخير من رمضان) ((سبل السلام)) (١/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>