للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: خصائص شهر رمضان]

١. فيه أُنزل القرآن:

الدليل:

قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة: ١٨٥]

وكان هذا في ليلة القدر من رمضان، قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر: ١]

وقال سبحانه: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ [الدخان: ٣]

٢. فيه أُنزلت الكتب الإلهية الأخرى:

الدليل:

عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزلت صحف إبراهيم أول ليلةٍ من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لستٍّ مضت من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربعٍ وعشرين خلت من رمضان)) (١).

٣. فيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين:

الدليل:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)). أخرجه البخاري ومسلم (٢).

٤. العمرة فيه تعدل حجة:

الدليل:

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأةٍ من الأنصار: ما منعك أن تحجي معنا؟ قالت: لم يكن لنا إلا ناضحان، فحج أبو ولدها وابنها على ناضح وترك لنا ناضحاً ننضح عليه. قال: فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة)). أخرجه البخاري ومسلم (٣).

وفي روايةٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية: ما منعك من الحج؟ قالت: أبو فلان - تعني زوجها - كان له ناضحان حج على أحدهما والآخر يسقي أرضاً لنا. قال: فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي)). أخرجه البخاري ومسلم (٤).

- وهذا الفضل ليس مختصًّا بهذه المرأة وحدها، بل هو عامٌّ لجميع المسلمين (٥)، (٦).

- وكان السلف رحمهم الله يسمون العمرة في رمضان: الحج الأصغر (٧)؛ لأن المعتمر في رمضان إن عاد إلى بلده فقد أتى بسفرٍ كاملٍ للعمرة ذهاباً وإياباً في شهر رمضان، فاجتمع له حرمة شهر رمضان وحرمة العمرة، وصار ما في ذلك من شرف الزمان والمكان، يناسب أن يُعدَلَ بما في الحج من شرف الزمان - وهو أشهر الحج - وشرف المكان (٨).

- كما أن هذه العمرة لا تغني عن حجة الإسلام الواجبة، بإجماع أهل العلم (٩)، فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون مجزئاً عنه، فهو يعادله في الثواب لا في الإجزاء عنه (١٠).


(١) رواه أحمد (٤/ ١٠٧) (١٧٠٢٥)، والطبراني (٢٢/ ٧٥) (١٨٥)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (٢/ ٤١٤) (٢٢٤٨). وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (١٥٧٥): إسناده حسن ورجاله ثقات.
(٢) رواه البخاري (٣٢٧٧)، ومسلم (١٠٧٩) واللفظ له.
(٣) رواه البخاري (١٧٨٢)، ومسلم (١٢٥٦).
(٤) رواه البخاري (١٨٦٣)، ومسلم (١٢٥٦).
(٥) قال ابن حجر: (والظاهر حمله على العموم كما تقدم) ((فتح الباري)) (٣/ ٦٠٥). وقال ابن عثيمين: (والصحيح أنها عامة خلافاً لمن قال: إن هذا الحديث ورد في المرأة التي تخلفت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحج فقال لها: ((عمرة في رمضان تعدل حجة معي))، فإن بعض العلماء قال: إن هذا خاصٌّ بهذه المرأة يريد أن يطيب قلبها، ولكن الصواب أنها عامة) ((الشرح الممتع)) (٧/ ٣٧٨).
(٦) قال ابن باز: (أفضل زمانٍ تؤدى فيه العمرة: شهر رمضان) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ٤٣١).
(٧) ((فتح القدير)) (٣/ ١٣٧).
(٨) ((مجموع الفتاوى)) (٢٦/ ٢٩٣).
(٩) قال ابن بطال: (فيه دليلٌ على أن الحج الذي ندبها إليه كان تطوعاً لإجماع الأمة على أن العمرة لا تجزئ عن حجة الفريضة) ((فتح الباري لابن حجر)) (٣/ ٦٠٤). وقال النووي: (وفي الرواية الأخرى تقضي حجة، أي تقوم مقامها في الثواب لا أنها تعدلها في كل شيء فإنه لو كان عليه حجة فاعتمر في رمضان لا تجزئه عن الحجة). وقال ابن تيمية: (المشبه ليس كالمشبه به من جميع الوجوه لا سيما في هذه القصة باتفاق المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) (٢٦/ ٢٩٣). وقال ابن حجر: (فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض؛ للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض، ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أن معنى الحديث نظير ما جاء أن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن) ((فتح الباري)) (٣/ ٦٠٤)، وانظر ((الشرح الكبير لابن قدامة)) (٣/ ٥٠٠)، ((شرح مسلم)) (٩/ ٢)، ((الفروع وتصحيح الفروع)) (٥/ ٣٢١)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٠/ ٧٠ - ٧١).
(١٠) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٠/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>