للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسنُّ للحائض والنفساء الغسل للإحرام، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة (١): الحنفية (٢)، والمالكية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: (( ... فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب وأحرمي)) أخرجه مسلم (٦).

وجه الدلالة:

أن قوله: ((اغتسلي))، أمرٌ لها بأن تغتسل مع أنها نفساء لا تستبيح باغتسالها هذا الصلاة، ولا غيرها مما تُشترَط له الطهارة.

ثانياً: أنه غسلٌ يُراد به النسك؛ فاستوى فيه الحائض والطاهرة (٧).

المطلب الثالث: استحباب تلبيد الرأس

يستحب للمحرمُ بعد غسل الإحرام أن يلبد (٨) رأسه، وذلك لمن يطول مكثه في أعمال الحج (٩)، وهذا مذهب الشافعية (١٠)، وقول للحنفية (١١)، وقول للمالكية (١٢)، واختاره المباركفوري (١٣). وحكى النووي فيه الإجماع (١٤).

الأدلة:

أولاً: من السنة:


(١) قال ابن عبدالبر: (جمهور العلماء يستحبونه ولا يوجبونه، وما أعلم أحداً من المتقدمين أوجبه إلا الحسن البصري فإنه قال في الحائض والنفساء إذا لم تغتسل عند الإهلال: اغتسلت إذا ذكرت. وبه قال أهل الظاهر قالوا: الغسل واجب عند الإهلال على كل من أراد أن يهل وعلى كل من أراد الحج طاهراً كان أو غير طاهر) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٥). وقال النووي: (وفيه صحة إحرام النفساء والحائض، واستحباب اغتسالهما للإحرام، وهو مجمعٌ على الأمر به، لكن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور أنه مستحب، وقال الحسن وأهل الظاهر هو واجب) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١٣٣).
(٢) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٤٣)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٤).
(٣) ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (٢/ ٣٢٢)، ((الشرح الكبير)) للدردير (٢/ ٣٨).
(٤) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢١٢)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٧٨).
(٥) ((الإنصاف)) للمرداوي (١/ ١٨٣)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (١/ ٣٤٨).
(٦) رواه مسلم (١٢١٨).
(٧) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢١١).
(٨) التلبيد: ضفر الرأس بالصمغ أو الخطمي وشبههما مما يضم الشعر ويلزق بعضه ببعض بما يسكنه ويمنعه من الانتفاش والتمعط. ((لسان العرب)) لابن منظور (٣/ ٣٨٥)، ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ٨٩، ٩٠)، ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: ٣٢١). والخَطْمِيُّ: ضرب من النبات يُغْسَلُ به الرأس. ((لسان العرب)) لابن منظور (١٢/ ١٨٦).
(٩) ((شرح السنة)) للبغوي (٧/ ٧٩).
(١٠) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٢٠)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٧٩).
(١١) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٣/ ٢٦)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٣/ ٥).
(١٢) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ١٤٣) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (١/ ٥٤٨، ٥٤٩).
(١٣) قال المباركفوري: (حمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على عذر يحتاج إلى دليل، والأصل عدم العذر وأما حمل التلبيد على المعنى اللغوي ففيه: أن شراح الحديث، وأهل اللغة، وأصحاب غريب الحديث: كالخطابي، والحافظ، والعيني، والمجد، والجوهري، والجزري، والزمخشري وغيرهم قد اتفقوا على ما ذكرنا من العلماء من معنى التلبيد، ولزوق بعض الصوف أو الشعر ببعضه لا يحصل إلا بما يصلح للإلزاق والإلصاق كالصمغ أو الخطمي أو العسل وما يشبه ذلك) ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (٨/ ٤٤١).
(١٤) قال النووي: (وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لبدت رأسي وقلدت هديي)) فيه استحباب التلبيد وتقليد الهدي، وهما سنتان بالاتفاق). ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>