للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم بعمره كلها، حتى في الحديبية أحرم، ولم يقل: إن حبسني حابس، وكذلك في عمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، وحجة الوداع، ولم ينقل عنه أنه قال: وإن حبسني حابس، ولا أمر به أصحابه أمراً مطلقاً، بل أمر به من جاءت تستفتي؛ لأنها مريضة تخشى أن يشتد بها المرض فلا تكمل النسك (١).

المطلب الثالث صيغة الاشتراط:

أن يهل بالنسك الذي يريده من عمرة أو حجة مفرداً أو قارناً، أو متمتعاً، ثم يقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، نص على هذا فقهاء الحنابلة (٢)، أو يقول: اللهم محلي حيث حبستني، نص على هذا فقهاء الشافعية (٣)، وورد عن السلف صيغ أخرى (٤). لذا لا يلزم الاشتراط بصيغة معينة (٥).

دليل ذلك:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير، فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني)) أخرجه البخاري ومسلم (٦).

فرع:

إن قال إن مرضت ونحوه فأنا حلال. فمتى وجد الشرط حل بوجوده، أما إن قال فلي أن أحل، أو محلي حيث حبستني فهو مخير بين البقاء على إحرامه وبين التحلل، لأنه شرط صحيح فكان على ما شرط، وهذا مذهب الشافعية في الأصح (٧)، والحنابلة (٨)، وقرره ابن عثيمين (٩).

فرع:


(١) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ١٠٥).
(٢) ((الإقناع)) لابن قدامة (١/ ٤٠١).
(٣) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥٣٤)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (٣/ ٣٦٤).
(٤) منها ما يلي: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((حج واشترط وقل اللهم الحج أردت ولك عمدت فان تيسر والا فعمرة)) قال النووي في ((المجموع)): رواه البيهقي باسناد حسن. عن ميسرة: ((أن علي بن أبي طالب كان إذا أراد الحج قال: اللهم حجة إن تيسرت, أو عمرة إن أراد العمرة وإلا فلا حرج)).
(٥) قال ابن قدامة: (وغير هذا اللفظ، مما يؤدي معناه، يقوم مقامه؛ لأن المقصود المعنى، والعبارة إنما تعتبر لتأدية المعنى) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٦٦). وقال ابن عثيمين: (لا يلزمه أن يأتي بالصيغة الواردة، لأن هذا مما لا يتعبد بلفظه، والشيء الذي لا يتعبد بلفظه يكتفى فيه بالمعنى) ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (٢٢/ ٢٦).
(٦) رواه البخاري (٥٠٨٩)، ومسلم (١٢٠٧)
(٧) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٣١٥).
(٨) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين بن قدامة (٣/ ٥٢٩)، ((الإقناع)) للحجاوي (١/ ٤٠١).
(٩) قال ابن عثيمين: (إذا قال: فمحلي حيث حبستني، حل بمجرد وجود المانع؛ لأنه علق الحل على شرط فوجد الشرط، فإذا وجد الشرط وجد المشروط، وأما إذا قال: إن حبسني حابس فلي أن أحل، فإنه إذا وجد المانع فهو بالخيار إن شاء أحل، وإن شاء استمر) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>