(٢) قال ابن كثير: (فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذله وحاجته إلى الله في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه، وأن يلتجئ إلى الله، عز وجل؛ ليزيح ما هو به من النقائص والعيوب، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم وأن يثبته عليه إلى مماته، وأن يحوله من حاله الذي هو عليه من الذنوب والمعاصي، إلى حال الكمال والغفران والسداد والاستقامة، كما فعل بهاجر عليها السلام) ((تفسير ابن كثير)) ١/ ٤٧٢. وقال الشنقيطي: (قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((فذلك سعي الناس بينهما))، فيه الإشارة الكافية إلى حكمة السعي بين الصفا والمروة; لأن هاجر سعت بينهما السعي المذكور، وهي في أشد حاجةٍ، وأعظم فاقةٍ إلى ربها؛ لأن ثمرة كبدها، وهو ولدها إسماعيل تنظره يتلوى من العطش في بلدٍ لا ماء فيه، ولا أنيس، وهي أيضاً في جوعٍ، وعطشٍ في غاية الاضطرار إلى خالقها جل وعلا، وهي من شدة الكرب تصعد على هذا الجبل، فإذا لم تر شيئاً جرت إلى الثاني، فصعدت عليه لترى أحدا، فأمر الناس بالسعي بين الصفا والمروة ليشعروا بأن حاجتهم وفقرهم إلى خالقهم ورازقهم كحاجة وفقر تلك المرأة في ذلك الوقت الضيق، والكرب العظيم إلى خالقها ورازقها، وليتذكروا أن من كان يطيع الله كإبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لا يضيعه، ولا يخيب دعاءه وهذه حكمةٌ بالغةٌ ظاهرةٌ دلَّ عليها حديثٌ صحيح). ((أضواء البيان)) (٤/ ٤٨١).