للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتأخذوا مناسككم)) (١)، وقد طاف بين الصفا والمروة سبعاً، فيلزمنا أن نأخذ عنه ذلك (٢).

٣ - عن حبيبة بنت أبي تجراة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي)) (٣).

٤ - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((قدمتٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخٌ بالبطحاء، فقال لي: أحججت؟ فقلت: نعم، فقال: بم أهللت؟ قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: فقد أحسنت، طف بالبيت وبالصفا والمروة)) (٤).

فهذا أمرٌ صريحٌ دل على الوجوب، ولم يأت صارفٌ له (٥).

٥ - قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((يجزئ عنك طوافك بين الصفا والمروة، عن حجك وعمرتك)) (٦).

وجه الدلالة:

أنه يُفهم من الحديث أنها لو لم تطف بينهما لم يحصل لها إجزاءٌ عن حجها وعمرتها (٧).

ثالثاً: من أقوال الصحابة:

١ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما أتم الله حج امرئٍ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة)) (٨).

٢ - عن عروة قال: قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أرى على أحدٍ لم يطف بين الصفا والمروة، شيئاً، وما أبالي أن لا أطوف بينهما، قالت: بئس ما قلت، يا ابن أختي! طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطاف المسلمون؛ فكانت سنة، وإنما كان من أهلَّ لمناة الطاغية، التي بالمشَلَّل (٩)، لا يطوفون بين الصفا والمروة، فلما كان الإسلام سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فأنزل الله عز وجل: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة: ١٥٨]. ولو كانت كما تقول لكانت: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما)) (١٠).

وفي رواية: سألت عائشة، وساق الحديث بنحوه، وقال في الحديث: ((فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالوا: يا رسول الله! إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة؛ فأنزل الله عز وجل: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة: ١٥٨]، قالت عائشة: قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما؛ فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بهما)) (١١).

رابعا: أنه نسكٌ في الحج والعمرة فكان ركناً فيهما كالطواف بالبيت (١٢).

المبحث الثاني: التطوع بالسعي بين الصفا والمروة

لا يشرع التطوع بالسعي بين الصفا والمروة لغير الحاج والمعتمر.

الدليل:

الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن حجر (١٣)، والشنقيطي (١٤).


(١) رواه مسلم (١٢٩٧).
(٢) قال ابن عبدالبر: (ما لم يجمعوا عليه أنه سنةٌ وتطوع، فهو واجبٌ بظاهر القرآن والسنة بأنه من الحج المفترض على من استطاع السبيل إليه) ((الاستذكار)) (٤/ ٢٢٣). وقال ابن كثير: (القول الأول أرجح (أي ركنية السعي)، لأنه عليه السلام طاف بينهما، وقال: ((لتأخذوا مناسككم)). فكل ما فعله في حَجته تلك واجبٌ لا بد من فعله في الحج، إلا ما خرج بدليل، والله أعلم). ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٤٧١).
(٣) رواه أحمد (٦/ ٤٢١) (٢٧٤٠٨)، وابن خزيمة (٤/ ٢٣٢) (٢٧٦٤)، والحاكم (٤/ ٧٩)، والبيهقي (٥/ ٩٨) (٩٦٣٥). من حديث بنت أبي تجرأة رضي الله عنها. قال الشافعي كما في ((الاستذكار)) (٣/ ٥١٩): إسناده ومعناه جيد، وقال ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (٢/ ١٠١): صحيح الإسناد والمتن، وحسن إسناده النووي في ((المجموع)) (٨/ ٧٨)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (٣/ ٥٨٢): [فيه] عبدالله بن المؤمل فيه ضعف [وله طريق إذا انضم إليها قوي]، وصححه الألباني في ((صحيح ابن خزيمة)) (٢٧٦٤).
(٤) رواه البخاري (١٧٩٥)، ومسلم (١٢٢١).
(٥) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٣٠٨).
(٦) رواه مسلم (١٢١١).
(٧) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٣١١).
(٨) رواه البخاري (١٧٩٠)، ومسلم (١٢٧٧).
(٩) المشَلّل: موضع بقديد من ناحية البحر، وهو الجبل الذي يهبط إليها منه. ((فتح الباري)) لابن حجر (١/ ١٨٨).
(١٠) رواه مسلم (١٢٧٧).
(١١) رواه مسلم (١٢٧٧).
(١٢) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩٤).
(١٣) قال ابن حجر: ( ... إجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع) ((فتح الباري)) (٣/ ٤٩٩).
(١٤) قال الشنقيطي: ( ... إجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع، والعلم عند الله تعالى) ((أضواء البيان)) (٤/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>