للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث: ((ارفعوا عن بطن عرنة)) (١)، فلا يجزيه أن يقف بمكان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يقف به (٢).

المطلب الثالث: هل نمرة من عرفة؟

نَمِرة (٣) ليست من عرفة، ولا من الحرم، وإنما يُستحبُّ النزول بها بعد طلوع الشمس قبل النزول بعرفة (٤).

الدليل:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال في حديثه الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ((فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس)) (٥).

وجه الدلالة:

أن فيه استحباب النزول بنمرة اذا ذهبوا من منى؛ لأن السنة أن لا يدخلوا عرفات، إلا بعد زوال الشمس وبعد صلاتي الظهر والعصر جمعاً (٦).

مسألة:

مسجد نمرة والذي كان يسمى مسجد إبراهيم، يقع مقدمته في عرنة خارج عرفات، والتي فيها محل الخطبة والصلاة، ويقع آخره في عرفة، وقد ميز بينهما بعلامات، وقد كان قديما يميز بينهما بصخراتٍ كبارٍ فرشت هناك (٧).

المطلب الرابع: حكم من وقف بعرفة وهو لا يعلم أنه عرفة


(١) رواه أحمد (١/ ٢١٩) (١٨٩٦)، وابن خزيمة (٤/ ٢٥٤) (٢٨١٦)، والحاكم (١/ ٦٣٣)، والبيهقي (٥/ ١١٥) (٩٧٣١). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الحاكم: (صحيحٌ على شرط مسلم)، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٤٣٥)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٩٠٣). قال الباجي: (وقوله صلى الله عليه وسلم ارتفعوا عن بطن عرنة يحتمل معنيين: أحدهما أن تكون عرنة من جملة ما يقع عليه اسم عرفة فيكون ذلك استثناء مما عممه بقوله عرفة كلها موقف، فكأنه قال صلى الله عليه وسلم عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ... ويؤيد هذا التأويل أنه لم يمد عرفة من غير جهة عرنة واقتصر على أن يكون الموقف يختص بالموضع الذي يتناوله هذا الاسم، فدل ذلك على أنه احتاج إلى استثنائها كما لم يستثن ما ليس من عرفة من سائر الجهات، وإن كنا نعلم أنه لا يجوز الوقوف به، ويحتمل أن تكون عرنة ليست من عرفة ولا يتناولها اسمها فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم وارتفعوا عن بطن عرنة على معنى قصر هذا الحكم على عرفة وما قرب منها؛ ولذلك قال ارتفعوا عن بطن عرنة مع قربه من عرفة) ((شرح الموطأ)) (٢/ ٣١٩).
(٢) ((الإشراف)) لابن المنذر ٣/ ٣١١، و ((التمهيد)) لابن عبدالبر ٢٤/ ٤٢٠.
(٣) نَمِرة: موضعٌ معروفٌ بقرب عرفات خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات، وعليه أنصاب الحرم، وفيها كان ينزل خلفاؤه الراشدون، وبها الأسواق وقضاء الحاجة والأكل ونحو ذلك. ((المجموع)) للنووي (٨/ ٨١)، ((مجموع الفتاوى)) (٢٦/ ١٦١).
(٤) قال النووي: (أما نمرة فليست أيضاً من عرفات بل بقربها، هذا هو الصواب الذي نص عليه الشافعي في مختصر الحج الأوسط وفي غيره وصرح به أبو علي البندنيجي والأصحاب ونقله الرافعي عن الأكثرين، وقال صاحب الشامل وطائفة: هي من عرفات. وهذا الذي نقله غريبٌ ليس بمعروفٍ ولا هو في الشامل ولا هو صحيح، بل إنكار للحس ولما تطابقت عليه كتب العلماء) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٨٥)، وينظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ١٢٩، ١٣٠، ١٦١)، ((حاشية العدوي)) (١/ ٥٣٨)، ((لسان العرب)) لابن منظور (مادة: نمر).
(٥) رواه مسلم (١٢١٨)
(٦) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١٨٠)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٢/ ٤٦٨).
(٧) ((نهاية المحتاج)) للرملي (٣/ ٢٩٦))، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٨١/ ٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>