للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس مرفوعاً قال: ((لما أتى إبراهيم خليل الله عليه السلام المناسك، عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات، حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية، فرماه بسبع حصيات، حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له في الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم تتبعون)) (١) (٢).


(١) رواه الحاكم (١/ ٦٣٨)، والبيهقي (٥/ ١٥٣) (٩٩٧٥). قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وصححه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (١١٥٦)
(٢) قال الغزالي: (أما رمي الجمار فاقصد به الانقياد للأمر إظهاراً للرق والعبودية وانتهاضاً لمجرد الامتثال من غير حظ للعقل والنفس فيه ثم اقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع ليدخل على حجه شبهة أو يفتنه بمعصية فأمره الله عز وجل أن يرميه بالحجارة طرداً له وقطعاً لأمله فإن خطر لك أن الشيطان عرض له وشاهده فلذلك رماه وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان وأنه الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي ويخيل إليك أنه فعل لا فائدة فيه وأنه يضاهي اللعب فلم تشتغل به فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي فيه برغم أنف الشيطان واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة وفي الحقيقة ترمي به وجه الشيطان وتقصم به ظهره إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى تعظيماً له بمجرد الأمر من غير حظ للنفس والعقل فيه) ((إحياء علوم الدين)) (١/ ٢٧٠). وقال الشنقيطي: فكأن الرمي رمز وإشارة إلى عداوة الشيطان التي أمرنا الله بها في قوله تعالى: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً، وقوله تعالى: أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو، ومعلوم أن الرجم بالحجارة من أكبر مظاهر العداوة. ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>