للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر (١)، والبغوي (٢)، وحكاه ابن عبدالبر في الجملة (٣). (٤)

المطلب الثالث: قتل المؤذيات

للمحرم قتل كل ما آذاه، سواء كان من طبعه الأذى أو لم يكن.

الأدلة:

أولاً: من السنة

عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((خمس فواسق، يُقتلنَ في الحرم: الفأرة، والعقرب، والحديا، والغراب، والكلب العقور)) (٥).

وجه الدلالة:

أن الخبر نصَّ من كل جنسٍ على صورة من أدناه، تنبيهاً على ما هو أعلى منها، ودلالةً على ما كان في معناها، فنصه على الحدأة والغراب تنبيهٌ على البازي ونحوه، وعلى الفأرة تنبيهٌ على ما يؤذي من الحشرات، وعلى العقرب تنبيهٌ على الحية، وعلى الكلب العقور تنبيهٌ على السباع التي هي أعلى منه (٦).

ثانيا: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر (٧)، وابن حزم (٨).

ثالثا: أن كل مدفوعٍ لأذاه فلا حرمة له (٩).


(١) قال ابن المنذر: (أجمعوا على ما ثبت من خبر النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من قتل التي يقتلها المحرم، وانفرد النخعي فمنع من قتل الفأرة) ((الإجماع)) (ص: ٥٤). وقال أيضاً: (ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خمس لا جناح على من قتلهن في الإحرام، فذكر الفارة. وروينا إباحة ذلك عن أبي سعيد الخدري، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم، وقال عطاء في الجرذ الوحشي: ليس بصيد فاقتله، ومنع النخعي المحرم من قتل الفأرة، وهذا لا معنى له، لأنه خلاف السنة، وقول أهل العلم) ((الإشراف)) (٣/ ٢٥٤ - ٢٥٥).
(٢) قال البغوي: (قال الإمام: اتفق أهل العلم على أنه يجوز للمحرم قتل هذه الأعيان المذكورة في الخبر، ولا شيء عليه في قتلها إلا ما حكي عن النخعي أنه قال لا يقتل المحرم الفأرة، ولم يذكر عنه فيه فدية، وهو خلاف النص، وأقاويل أهل العلم) ((شرح السنة)) (٧/ ٢٦٧ - ٢٦٨).
(٣) قال ابن عبدالبر: (أجمع العلماء على القول بجملة معنى أحاديث هذا الباب، واختلفوا في تفصيلها) ((الاستذكار)) (٤/ ١٥١).
(٤) قال ابن دقيق العيد: (الجمهور على جواز قتل هذه المذكورة في الحديث، والحديث دليلٌ على ذلك) ((إحكام الأحكام)) (١/ ٣١٢). وقال النووي: (واتفق جماهير العلماء على جواز قتلهن في الحل والحرم والإحرام، واتفقوا على أنه يجوز للمحرم أن يقتل ما في معناهن، ثم اختلفوا في المعنى فيهن وما يكون في معناهن) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١١٣). وقال ابن قدامة: (وله أن يقتل الحدأة، والغراب، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور، وكل ما عدا عليه، أو آذاه، ولا فداء عليه، هذا قول أكثر أهل العلم؛ منهم الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وحكي عن النخعي أنه منع قتل الفأرة، والحديث صريحٌ في حلِّ قتلها، فلا يُعوَّل على ما خالفه) ((المغني)) (٣/ ٣١٤).
(٥) رواه البخاري (٣٣١٤)، ومسلم (١١٩٨)
(٦) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٠٣).
(٧) قال ابنُ المنذر: (أجمع كل من يُحفظ عنه من أهل العلم، على أن السبع إذا بدأ المحرم، فقتله، لا شيء عليه) ((الإجماع)) (ص: ٥٤).
(٨) قال ابن حزم: (أجمعوا أن المحرم يقتل ما عدا عليه من الكلاب الكبار والحديان الكبار، وأنه لا جزاء عليه فيما قتله من ذلك) ((مراتب الإجماع)) (ص: ٤٣).
(٩) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>