رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فلم يدعوا له رائحةً، ولا سارحةً، ولا أهلاً، ولا مالاً إلَاّ أخذوه، وانفلت عُرياناً على فرسٍ له، ليس عليه قشره (١) حتى انتهى إلى ابنته وهي متزوجة في بني هلال، وقد أسلمت، وأسلم أهلها، وكان مجلس القوم بفناء بيتها، فدار حتى دخل عليها/ من وراء البيت، قال: فلما رأته ألقت عليه ثوباً وقالت: مالك؟ ال: كل الشر قد نزل بأبيك ما تُرك له رائحةٌ، ولا سارحةٌ، ولا أهلٌ، ولا مالٌ إلا وقد أخذ. قالت: دُعيت إلى الإسلام. قال: أين بعلك؟ قالت: في الإبل. قال: فأتاه، قال: ما لك؟ فقال: كل الشر، قد نزل به، ما تُرك له رائحةٌ ولا سارحة ولا أهلٌ، ولا مالٌ إلا وقد أُخذ، وأنا أريد محمداً أبادره قبل أن يقسم أهلي ومالي. قال: فخذ راحلتي برحلها. قال: لا حاجة لي فيها. قال: فأخذ قعود الراعي، وزوده إداوةً من ماء. قال: وعليه ثوبٌ إذا غطي به وجهه خرجت استه، وإذا غطى استه خرج وجههُ، وهو يكرهُ أن يُعرف، حتى انتهى إلى المدينة، فعقل راحلته، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان [بحذائه] حيث يُصلي، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر قال: يارسول الله ابسُط يدك فلأبايعك. قال: فبسطها، فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ففعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ثلاثاً، [قبضها إليه] ويفعله، فلما كانت الثالثةُ قال: من أنت؟ قال: رعية السُّحيمي.
قال: فتناول النبي - صلى الله عليه وسلم - عضده، ثم رفعه، ثم قال: يا معشر المسلمين هذا رعيةُ السحيمي الذي كتبتُ إليه، فأخذ كتابي فرقع به دلوه، فأخذ يتضرع إليه، قلتُ: يارسول الله أهلي ومالي. قال: أَمَّا المالُ فقد قُسم، وأما أهلك فمن قدرت عليه منهم، [فخرج] فإذا ابنهُ قد عرف
(١) ليس عليه قشره: ليس عليه ثيابه. تراجع النهاية: ٣/٢٥٤.