كتاب جامع المسانيد والسنن

٩٢٦- (عبادة بن الصامت) - (أبو مسلم الخولانى عنه) - ج: 4 - ص: 615

مرزوق، عن عطاء بن ابى رباح، عن مسلم، قال: دخلت/ مسجد حمص، فإذا حلقة فيها اثنان وثلاثون رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فيهم شابٌا أكحل (١) براق الثنايا محتب فإذا اختلفوا فى شىءٍ سألوه، فأخبرهم فانتهوا إلى خبره (٢) .

قال: فقلت: من هذا؟ قالوا: معاذ بن جبل. قال: فقمت إلى الصلاة، فأردت أن ألقى بعضهم، فلم أقدر على أحدٍ منهم، انصرفوا، فلما كان الغد دخلت، فإذا معاذ يصلى إلى سارية، قال: فصليت عنده، فلما انصرف جلست بينى وبينه السارية، ثم احتبيت فلبست ساعة لا أكلمه ولا يكلمنى. قال: ثم قلت: والله إنى لأحبك لغير دنيا أرجوها لأصيبها منك، ولا قرابة بينى، وبينك. قال: فلأى شىء؟ قال: قلت: لله تبارك وتعالى. قال: فنثر حبوتى (٣) ، ثم قال: فأبشر إن كنت صادقًا، فإنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الْمُتَحَابُّونَ فى الله فى ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ، يَغْبِطُهُمْ بِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّون وَالشُّهَدَاء» .

قال: ثم خرجت فألقى عبادة بن الصامت، فحدثته بالذى حدثنى معاذ، فقال عبادة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرويه عن ربه- عزَّ وجلَّ- أنه قال: «حَقَّتْ مَحَبَّتى عَلَى الْمُتَحابِّينَ فى يَعْنى نَفْسَهُ، وحَقُّت مَحَبَّتى للِمُتَاصحين فى، وحَقُّتْ مَحَبَّتِى عَلَى المُتَزَاوِرِينَ فِىَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِى

---

(١) () الكحل: بفتحتين سواد أجفان العين خلقة. . والرجل أكحل وكحيل. النهاية: ٤/١٠.
(٢) فى المرجع: «انتهوا إلى قوله» .
(٣) الاحتباء: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، ويشده عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين، والاسم الحبوة بالكسر والضم والجمع حُبً وحِبً. النهاية: ١/١٩٩.