وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العزاف، فقال بجير: اثبت في غنمنا في هذا المكان، حتى آتى هذا الرجل -يعني- رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرض عليه الإسلام، فأسلم، فبلغ ذلك كعباً فقال:
... ألا أبلغا عني بجيراً رسالةً
... ... على أي شيء -ويب غيرك - دَلَّكَا
على خلق لم تلف أُمًّا ولا أبا ... عليه ولم تدرك عليه أخاً لكا
سقاك أبو بكر بكأسٍ رويةٍ ... وأنهلك المأمور منها وعلكا
قال: فلما بلغت أبياته هذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضب، وأهدر دمه، وقال:((من لقي كعباً فليقتله)) .
فكتب بجير بذلك إلى أخيه، وقال له: النجاء. النجاء. وما أظنك أن تفلت. ثم كتب إليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لايأتيه أحد يشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمداً رسول الله إلا قبل منه، واسقط ماكان قبل ذلك، فإذا أتاك كتابي هذا [فأقبل] فأسلم.
قال: فأسلم كعب، وقال قصيدته التي مدح فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل حتى أناخ راحلته بباب المسجد، ودخل، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه مكان المائدة [من القوم] وهم حوله متحلقين: يقبل على هؤلاء مرةً فيحدثهم، وإلى هؤلاء مرةً فيحدثهم.
قال كعب: فعرفته بالصفة، فتخطيت فجلست إليه، وأسلمت، وقلت: الأمان يارسول الله، فقال:((ومن أنت؟)) . قلت: كعب بن زهير. فقال:((أنت الذي تقول)) والتفت إلى أبي بكر، وقال:((كيفظ)) . قال: فأنشد أبو بكر الأبيات إلى قوله: