للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وضاقت علينا انفسنا، إذ سمعت نداء من ذروة سلع: أبشر ياكعب بن مالك، فخررت ساجداً، وعرفت أن الله قد جاء بالفرج، ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني، فكان الصوت أسرع من فرسه، فأعطيته ثوبي بشارة ولبست ثوبين آخرين، وكانت توبتنا نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلث الليل. فقالت أم سلمة غشيتئذ: يانبي الله: ألا نبشر كعب بن مالك؟ قال: ((إذا يحطمنكم الناس ويمنعونكم النوم سائر الليلة)) ، وكانت أم سلمة محسنة في شأني، تحزن بأمري فانطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون، وهو يستنير كاستنارة القمر، وكان إذا سر بالأمر استنار فجئت فجلست بين يديه، فقال: ((أبشر ياكعب بن مالك بخير يوم أتى عليك منذ يوم ولدتك أمك)) ، قلت: يانبي الله أمن عند الله، أو من عندك. قال: ((بل من عند الله)) ، ثم تلا عليهم {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِىّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصًارِ} حتى بلغ {إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمِ} . قال: وفينا أنزلت أيضاً {اتَّقُوا اللهً وًكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} . فقلت: يانبي الله إن من توبتي أن لا أُحدث إلا صدقاً وإن انخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله.

فقال: ((أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك)) ، قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال: فما أنعم الله عليَّ نعمة بعد الإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صدقته، أنا وصاحباى، أن لانكون كذبنا فهلكنا كما هلكوا، وإني أرجو أن لايكون الله ابلى أحداً في الصدق مثل الذي أبلاني، ماتعمدت لكذبة بعد، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقى (١) .


(١) المسند، ٦/٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>