فأول شىء تلقاه فكله، والثانى فادفنه، والثالث فذره، أو قال فآوه والرابع فأطعمه فلما أصبح شمر ذيله وكان أول شىء لقيه جبل منيف شامخ فى الهواء فقال: يا ويلتاه أمرت بأكل هذا الجبل ولا أطيقه، فتضام له الجبل حتى صار بمنزلة التمرة الحلوة فابتلعها ثم مضى غير بعيد فإذا هو بطشت ملقاة على قارعة الطريق فاحتفر لها قبرا فدفنها فكان كلما دفنها نبتت على الأرض فلما أعيته تركها ومضى غير بعيد فإذا هو بحمام فصيرها فر ردفه ثم مضى غير بعيد فإذا هو بعقاب قد انقض نحوه يريد أن ينهش لحمه فاستخرج مدية من حقه يريد أن يقطع من لحمه ليطعم العقاب فإذا هو بملك يناديه من ورائه: أنا مالك بعثنى الله إليك لينبئك عن هذه الكلمات، أما الجبل المنيف فإنه الغضب متى تهيجه هاج وإن سكنته سكن حتى يصير بمنزلة التمرة، وأما الطست الملقاة فأنها أعمال العباد من عمل بخير أو شر أظهره الله حتى يتحدث الناس به ويزيدون، وأما الحمام الذى أمرت بإيوائه فهى الرحم فصل رحمك وإن قطعوا، قربوا منك أو بعدوان وأما العقاب الذى أمرت بإطعامه فإنه المعروف فضعه فى أهله وغير أهله واصطنعه مستحقه وغير مستحقه فإنه يلقاك فضله وإن طال أمره» (١) .
ثم روى العسكرى عن وهب بن منبه أنه قال: هذا النبى هو شعيبة.
(١) ذكر ابن الأثير طرفا من الحديث، راجع أسد الغابة: ٥/٢٦٣.