يعقب هذا الريح والثلج أمطار كالبحار، وتيمور مع ذلك لا يرق لأحد ولا يبالي بما نزل بالناس، بل يجد في السير، هذا والدروب قد تعطلت من شدة البرد الخارج عن الحد.
فما وصل تيمور إلى مدينة أترار حتى هلك خلق من قوة سيره، وأمر تيمور أن يستقطر له الخمر حتى يستعمله بأدوية حارة وأفاوية لدفع البرد وتقوية الحرارة، فعمل له ما أراد من ذلك، فشرع يتناوله ولا يسأل عن أخبار عساكره وما هم فيه إلى أن أثرت حرارة ذلك العرق المستقطر من الخمر، وأخذت في إحراق كبده وأمعائه، فالتهبت مزاجه حتى ضعف بدنه وهو يتجلد ويسير السير السريع، وأطباؤه يعالجونه بتدبير مزاجه إلى أن صاروا يضعون الثلج على بطنه لعظم ما به من التلهب، وهو مطروح مدة ثلاثة أيام، فتلفت كبده، وصار يضطرب ولونه يحمر، ونساؤه وذووه في صراخ إلى أن هلك، وعجل الله بروحه إلى النار، وبئس القرار لعنه الله في يوم الأربعاء تاسع عشر شعبان سنة سبع وثمانمائة، وهو نازل بضواحي أترار، وأترار بالقرب من أهنكران، ومعنى أهنكران بالغة العربية الحدادين، فأهنكر يعنى حداد وأهنكران جمع حدادين، فلبسوا عليه المسوح وناحوا عليه.
ومات تيمور لعنه الله ولم يكن معه من أولاده أحد سوى حفيده سلطان خليل بن أميران شاه بن تيمور، وسلطان حسين بن أخته، فأراد كتمان موته، فلم يخف على الناس، وملك خليل المذكور خزائن جده، وبذلك الأموال وتسلطن، وعاد إلى سمرقند برمة جدة تيمورلنك لعنة الله فخرج الناس