بعد أن عهد إلى ولده الملك العزيز يوسف، وجعل الأتابكى جقمق المذكور مدبر مملكته.
فلما تسلطن الملك العزيز، وأقام مدة يسيرة، شرع جماعة من أطراف المماليك الأشرفية يأمرون في الدولة وينهون، فعظم ذلك على أعيان الدولة من المؤيدية والناصرية والظاهرية والسيفية، وخاف كل واحد على نفسه، كل ذلك والأتابك جقمق سامع لهم ومطيع إلى أن زاد أمرهم وتفرقت كلمتهم، وانضم فرقة منهم على الأتابك جقمق كبيرهم الأمير إينال الأبو بكرى الأشرفي الدوادار الثاني، فعند ذلك انتهز الفرصة من كان تخوف قبل تاريخه من المماليك الأشرفية، وتوجهوا إلى دار الأتابك جقمق، وكان سكنه تجاه الكبش على بركة الفيل بالدار الملاصقة لقصر بكتمر الساقي، فاجتمع عليه خلائق لا تدخل تحت الحصر من الأمراء والخاصكية وطوائف من المؤيدية والناصرية والظاهرية والسيفية، وكانوا هم الطالبين له والراغبين في تقدمه لحسن سيرته ولا ستنقاذ مهجهم من أيدي هؤلاء الأجلاب الأشرفية، وصاروا معه عصبا واحداً على كلمة واحدة، وآل أمرهم إلى الحرب مع من بقى من المماليك الأشرفية عند الملك العزيز بقلعة الجبل.
وركب الأتابكى جقمق بمن انضم عليه من المذكورين من داره إلى أن نزل بدار الأمير نوروز الحافظي تجاه مصلاة المؤمنى من الرملة، وترامى كل من الطائفتين بالنبال، وتواجها في بعض الأحيان، ودام ذلك بينهم نحو ثلاثة أيام