للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - عن عائشة رضي الله عنها أن بلالاً كان يؤذِّن بليلٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر)). أخرجه البخاري ومسلم (١).

٢ - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم)). أخرجه البخاري ومسلم (٢).

ففي هذه الآية الكريمة والحديثين الشريفين دليلٌ ظاهرٌ على وجوب الإمساك على الصائم من حين طلوع الفجر الثاني حتى غروب الشمس، فهو حكمٌ عام، سواء طال النهار أم قصر، أم تساويا، ما دام أنه في أرضٍ فيها ليلٌ ونهارٌ يتعاقبان خلال أربع وعشرين ساعة.

الفرع الخامس: كيفية تحديد بداية الإمساك ونهايته في البلاد التي لا يتعاقب فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة

من كان في بلدٍ لا يتعاقب فيه الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة كبلد يكون نهارها مثلاً: يومين، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو أكثر من ذلك، فإنه يقدر للنهار قدره، ولليل قدره اعتماداً على أقرب بلدٍ منها بحيث يكون مجموع كلٍّ من الليل والنهار ٢٤ ساعة (٣).

وبهذا أفتى ابن باز (٤)، وابن عثيمين (٥)، وغيرهما، وهو ما قرره المجمع الفقهي الإسلامي (٦).

الدليل:

القياس:

قياساً على التقدير الوارد في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، حيث قال: ((ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة ..... إلى أن قال: قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟

قال: أربعون يوماً، يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم.

قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره)). أخرجه مسلم (٧).

وجه الدلالة:

أنه لم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً تكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب خمس صلواتٍ في كل أربعٍ وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي. وكذلك الحال مع الصيام - على ما سبق بيانه - إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة.

وأما كون هذا التقدير مبنياً على أقرب بلدٍ منهم، يكون فيه ليلٌ ونهارٌ يتعاقبان في أربعٍ وعشرين ساعة؛ فلأن إلحاق البلد في جغرافيته بما هو أقرب إليه أولى من إلحاقه بالبعيد؛ لأنه أقرب شبهاً به من غيره.


(١) رواه البخاري (١٩١٨)، ومسلم (١٠٩٢).
(٢) رواه البخاري (١٩٥٤)، ومسلم (١١٠٠).
(٣) وكيفية التقدير: أن تُحسب مدة الليل والنهار اعتمادا على أقرب بلد منهم، يكون فيه ليل ونهار يتعاقبان في أربع وعشرين ساعة.
(٤) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ٢٩٣ - ٣٠٠).
(٥) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٩/ ٣٠٨ - ٣٠٩).
(٦) ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي)) (١/ ٤٦)، قرار رقم: ٤٦ (٦/ ٩) بشأن مواقيت الصلاة والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية.
(٧) رواه مسلم (٢٩٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>