للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكفي في ثبوت دخول رمضان شهادة عدلٍ واحد، وهو مذهب الشافعية (١)، والحنابلة (٢)، وطائفةٍ من السلف (٣)، وهو اختيار ابن باز (٤)، وابن عثيمين (٥).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه)) (٦).

ثانياً: القياس

قياساً على الأذان، فالناس يفطرون بأذان الواحد، ويمسكون بأذان الواحد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)). أخرجه البخاري ومسلم (٧).

الفرع الثالث: اشتراط قوة البصر مع العدالة

يُشترَطُ في الرائي مع عدالته، قوةُ بصره (٨).

الأدلة:

١ - عموم قوله تعالى حكايةً عن إحدى ابنتي صاحب مدين: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص: ٢٦]

٢ - عموم قوله تعالى: قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل: ٣٩]

وجه الدلالة من الآيتين:

أن القوة والأمانة شرطان أساسيان في العمل، ومن ذلك الشهادة، إذ لابد فيها من الأمانة التي تقتضيها العدالة، ولابد فيها من القوة التي يحصل بها إدراك المشهود به.

الفرع الرابع: من رأى هلال رمضان وحده ولم يشهد برؤيته، أو شهد ولم تقبل شهادته

المسألة الأولى: حكم من رأى الهلال وحده

من رأى هلال رمضان وحده، ولم يشهد برؤيته، أو شهد ولم تقبل شهادته، فقد اختلف فيه أهل العلم هل يصوم وحده أم لا؟ على قولين:


(١) ((الحاوي الكبير للماوردي)) (٣/ ٤١١)، ((المجموع للنووي)) (٦/ ٢٧٧).
(٢) ((المغني لابن قدامة)) (٣/ ٤٧)، ((الفروع لابن مفلح)) (٤/ ٤١٦).
(٣) قال ابن قدامة: (وهو قول عمر, وعلي, وابن عمر, وابن المبارك) ((المغني)) (٣/ ٤٧).
(٤) قال ابن باز: (والهلال يثبت بشاهدٍ واحدٍ في دخول رمضان، شاهدٍ عدلٍ، عند جمهور أهل العلم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ٦١).
(٥) ((الشرح الممتع لابن عثيمين)) (٦/ ٣١٢).
(٦) رواه أبو داود (٢٣٤٢)، وابن حبان (٨/ ٢٣١) (٣٤٤٧)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٤/ ١٦٥) (٣٨٧٧)، والبيهقي (٤/ ٢١٢) (٨٢٣٥). والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (٦/ ٢٣٦)، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٣٨٠) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصححه ابن دقيق العيد في ((الإلمام بأحاديث الأحكام)) (١/ ٣٤٢).
(٧) رواه البخاري (٦٢٢)، ومسلم (١٠٩٢) من حديث عائشة رضي الله عنها. ورواه البخاري (٦٢٣)، ومسلم (١٠٩٢) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٨) قال ابن عثيمين: (ويشترط مع العدالة أن يكون قوي البصر، بحيث يحتمل صدقه فيما ادعاه، فإن كان ضعيف البصر لم تقبل شهادته وإن كان عدلاً؛ لأنه إذا كان ضعيف البصر وهو عدل، فإننا نعلم أنه متوهم) ((الشرح الممتع)) (٦/ ٣١٥)، وانظر ((شرح صحيح مسلم لابن عثيمين)) (٤/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>