للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: يصوم مع الناس (١)، إذا صاموا، ولا يبني على رؤيته، وهذا قولٌ لبعض السلف (٢)، ورواية عن أحمد (٣)، واختيار ابن تيمية (٤)، وابن باز (٥).

الدليل:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون)) (٦).

وجه الدلالة:

أن المعتبر في الصيام أو الإفطار هو الذي يثبت عند الناس، والشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته، لا يكون هذا صوماً له، كما لم يكن للناس.

القول الثاني: يصوم بناءً على رؤيته (٧)، وهو قول أكثر أهل العلم (٨) واتفقت عليه المذاهب الفقهية: الحنفية (٩)، والمالكية (١٠)، والشافعية (١١)، والحنابلة (١٢)، والظاهرية (١٣)، وهو اختيار ابن عثيمين (١٤).

الأدلة:

أولا: من الكتاب:

عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ..... [البقرة: ١٨٥].

ثانيا: من السنة:

عموم حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا .. )). أخرجه مسلم (١٥).

وجه الدلالة:

أنه قد أمر بالصيام عند رؤية الهلال، ومن رآه لوحده داخلٌ في عموم الأمر بذلك.

المسألة الثانية: من رأى هلال رمضان وحده وهو في مكان ناءٍ ليس فيه أحد

من رأى هلال رمضان وحده وهو في مكانٍ ناءٍ ليس فيه أحد، فإنه يصوم، ويبني على رؤيته، ولا يرد عليه الخلاف السابق، ونص عليه ابن تيمية (١٦)، وابن باز (١٧)، وابن عثيمين (١٨).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

عموم قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ..... [البقرة: ١٨٥]

ثانياً: من السنة:


(١) وذلك لأن الهلال هو ما هل واشتهر بين الناس، لا ما رئي.
(٢) نقل ابن المنذر هذا القول عن عطاء, وإسحاق ((الإشراف)) (٣/ ١١٤).
(٣) ((المغني لابن قدامة)) (٣/ ٤٧).
(٤) قال ابن تيمية: (والثالث - أي من الأقوال -: يصوم مع الناس ويفطر مع الناس وهذا أظهر الأقوال) ((مجموع الفتاوى)) (٢٥/ ١١٤).
(٥) قال ابن باز: (وإذا رأى الهلال شخص واحد ولم تقبل شهادته لم يصم وحده ولم يفطر وحده في أصح قولي العلماء، بل عليه أن يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ٦٤).
(٦) رواه الترمذي (٦٩٧) واللفظ له، والدارقطني (٢/ ٣٦٦). قال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٢/ ١٥٩)، وقال النووي في ((المجموع)) (٦/ ٢٨٣): إسناده حسن، وصححه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٢٨٠).
(٧) وذلك لأنه إذا لزمه الصوم لرؤية غيره وهي رؤية مظنونة، فلَأَن يلزمه من رؤيته هو، وهي متيقَّنة، أولى وأحرى.
(٨) قال ابن عبد البر: (لم يختلف العلماء فيمن رأى هلال رمضان وحده، فلم تقبل شهادته أنه يصوم؛ لأنه متعبد بنفسه لا بغيره، وعلى هذا أكثر العلماء، لا خلاف في ذلك إلا شذوذ لا يُشتغَلُ به) ((التمهيد)) (١٤/ ٣٥٥).
(٩) ((الهداية للميرغيناني)) (١/ ١٢٠)، ((حاشية ابن عابدين))، (٢/ ٣٨٨).
(١٠) ((التمهيد)) (١٤/ ٣٥٥)، ((التاج والإكليل للمواق)) (٢/ ٣٨٧).
(١١) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٢٨٠).
(١٢) ((الفروع لابن مفلح)) (٤/ ٤٢١)، ((الإنصاف للمرداوي)) (٣/ ٢٧٧).
(١٣) ((المحلى لابن حزم)) (٦/ ٢٣٥).
(١٤) قال ابن عثيمين: ( .. ولكن إذا كان في البلد، وشهد به عند المحكمة، ورُدَّتْ شهادته، فإنه في هذه الحال يصوم سرًّا؛ لئلا يعلن مخالفة الناس) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٩/ ٧٤ - ٧٥).
(١٥) رواه مسلم (١٠٨١).
(١٦) ((مجموع الفتاوى)) (٢٥/ ١١٧ - ١١٨).
(١٧) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ٧٣).
(١٨) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٩/ ٧٤ - ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>