للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((من حج، ثم عتق فعليه حجة أخرى، ومن حج وهو صغير ثم بلغ فعليه حجة أخرى)) (١).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر (٢)، وابن عبدالبر (٣).

ثالثاً: أن الرقيق فعل ذلك قبل وجوبه عليه، فلم يجزئه إذا صار من أهله، كالصغير (٤).

المبحث الثاني: البلوغ

المطلب الأول: حكم حج الصبي

البلوغ ليس شرطاً لصحة الحج، فيصح من الصبي، فإن كان مميزا (٥) أحرم بنفسه، وإن لم يكن مميزا أحرم عنه وليُّه، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (٦)، والشافعية (٧)، والحنابلة (٨)، وبعض الحنفية (٩)، وجماهير العلماء من السلف والخلف (١٠).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء، فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبيا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر) وفي رواية: ((فأخذت بعضد صبي فأخرجته من محفتها)) رواه مسلم (١١).

وجه الدلالة:

أن الصبي الذي يحمل بعضده، ويخرج من المحفة لا تمييز له (١٢).

٢ - عن السائب ابن زيد رضي الله عنه قال: ((حُجَّ بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين)) رواه البخاري (١٣).

ثانياً: الإجماع:


(١) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٣/ ٨٢٣)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٣/ ١٤٠) (٢٧٣١)، والبيهقي (٥/ ١٧٩) (١٠١٣٤). قال ابن حزم في ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٤٤): (رواته ثقات). وقفه أحدهما على ابن عباس وأسنده آخر، وجوَّد إسناده النووي في ((المجموع)) (٧/ ٥٧)، وصححه الألباني في ((إرواء الغليل)) (٩٨٦).
(٢) قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم إلا من شذ منهم ممن لا يعتد بخلافه خلافا أن الصبي إذا حج ثم بلغ والعبد إذا حج ثم عتق أن عليهما بعد ذلك حجة الاسلام إن استطاعا). ((المجموع)) للنووي (٧/ ٦٢).
(٣) قال برهان الدين ابن ملفح: (هذا قول عامة العلماء إلا شذوذًا بل حكاه ابن عبدالبر إجماعا). ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (٣/ ٢٧)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٧٩).
(٤) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٧٩).
(٥) الصبى المميز: (هو الذى يفهم الخطاب ويحسن رد الجواب ومقاصد الكلام ونحو ذلك ولا يضبط بسن مخصوص بل يختلف باختلاف الافهام، وقيل: هو الذي عقل الصلاة والصيام). ((مواهب الجليل)) للحطاب (٣/ ٤٣٥)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٩).
(٦) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (١/ ٤١١)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٩٧).
(٧) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٢٠٦)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٢). واشترط الشافعية إذن وليه.
(٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٤١)، ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٢١٣). واشترط الحنابلة إذن وليه.
(٩) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (٢/ ٥).
(١٠) قال ابن عبدالبر في الحج بالصبيان الصغار: (وقد اختلف العلماء في ذلك فأجازوه مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز من أصحابهما وغيرهم، وأجازه الثوري وأبو حنيفة وسائر فقهاء الكوفيين، وأجازه الأوزاعي والليث بن سعد فيمن سلك سبيلهما من أهل الشام ومصر. وكل من ذكرناه يستحب الحج بالصبيان ويأمر به ويستحسنه وعلى ذلك جمهور العلماء من كل قرن، وقالت طائفة لا يحج بالصبيان وهو قول لا يشتغل به ولا يعرج عليه). ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١/ ١٠٣)، وينظر ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٠،٤٢).
(١١) رواه مسلم (١٣٣٦).
(١٢) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٣/ ٢٠٧).
(١٣) رواه البخاري (١٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>