للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (١)، والقاضي عياض (٢).

ثالثاً: أنه يصح من الولي عقد النكاح عنه والبيع والشراء بماله، فيصح إحرامه عنه إذا كان غير مميز (٣).

المطلب الثاني: البلوغ شرطُ وجوبٍ وشرط إجزاءٍ

البلوغ شرط وجوبٍ وشرط إجزاء، فلا يجب الحج على الصبي، فإن حج لم يجزئه عن حجة الإسلام، وتجب عليه حجة أخرى إذا بلغ (٤).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل)) (٥).

وجه الدلالة:

أن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم)) دليل واضح على أن حج الصبي تطوع، ولم يؤد به فرضا؛ لأنه محال أن يؤدي فرضا من لم يجب عليه الفرض (٦).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على عدم وجوب الحج إلا بالبلوغ: ابن المنذر (٧)، وابن جُزي (٨)، والشربيني (٩)، ونقل الإجماع على عدم إجزاء الحج إلا بالبلوغ: الترمذي (١٠) وابن المنذر (١١)، وابن عبدالبر (١٢)، والقاضي عياض (١٣).

ثالثاً: أن من لم يبلغ ليس مكلفاً فلا يتعلق به التكليف (١٤).

المطلب الثالث: ما يفعله الصبيُّ بنفسه وما يفعله عنه وليه

ما يفعله الصبيُّ من أعمال الحج على قسمين:

القسم الأول: ما يقدر عليه الصبي بنفسه، كالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى، فإنه يلزمه فعله، ولا تجوز فيه النيابة، ومعنى لزوم فعله أنه لا يصح أن يفعل عنه؛ لعدم الحاجة إليه لا بمعنى أنه يأثم بتركه؛ لأنه غير مكلف.

القسم الثاني: ما لا يقدر عليه؛ فإنه يفعله عنه وليه (١٥).

الأدلة:

أولاً: الآثار عن الصحابة:

عن أبي بكر رضي الله عنه: ((أنه طاف بابن الزبير في خرقة)) (١٦).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((كنا نحج بصبياننا فمن استطاع منهم رمى ومن لم يستطع رمي عنه)).

ثانياً: الإجماع:

نقله ابن المنذر (١٧).


(١) يقول ابن عبدالبر في حديث المرأة التي حجت بصبي: (في هذا الحديث من الفقه الحج بالصبيان، وأجازه جماعة العلماء بالحجاز والعراق والشام ومصر وخالفهم في ذلك أهل البدع فلم يرو الحج بهم وقولهم مهجور عند العلماء لأن النبي عليه الصلاة والسلام حج بأغيلمة بني عبدالمطلب). وقال أيضاً: (حج السلف بصبيانهم) ((الاستذكار)) (٤/ ٣٩٨)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٢).
(٢) قال القاضي عياض: (أجمعوا على أنه يحج به إلا طائفة من أهل البدع منعوا ذلك، وهو مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإجماع الأمة). ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٢).
(٣) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٨٠).
(٤) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢١).
(٥) رواه أبو داود (٤٣٩٨)، والنسائي (٦/ ١٥٦)، وابن ماجه (١٦٧٣)، وأحمد (٦/ ١٠٠) (٢٤٧٣٨) واللفظ له، والدارمي (٢/ ٢٢٥) (٢٢٩٦)، وابن حبان (١/ ٣٥٥) (١٤٢)، والحاكم (٢/ ٦٧)، والبيهقي (٦/ ٨٤) (١١٧٨٦). احتج به ابن حزم في ((المحلى)) (٨/ ٢٧٩)، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٣/ ٣٩٢)، وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وصحح إسناده عبدالحق في ((الأحكام الصغرى)) (٧٦٧)، وصحح الحديث الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (١٦٧٣).
(٦) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١/ ١٠٨).
(٧) قال ابن المنذر: (أجمعوا على سقوط فرض الحج عن الصبي). ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٦٠)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٠).
(٨) قال ابن جزي: (أما شروط وجوبه فهي البلوغ والعقل اتفاقاً). ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: ٨٦).
(٩) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٦٢).
(١٠) قال الترمذي: (وقد أجمع أهل العلم أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك لا تجزئ عنه تلك الحجة عن حجة الإسلام). ((سنن الترمذي)) (٣/ ٢٦٥).
(١١) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن المجنون إذا حج ثم افاق أو الصبى ثم بلغ أنه لا يجزئهما عن حجة الإسلام). ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٦٠)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٠).
(١٢) قال ابن عبدالبر في ذلك: (على هذا جماعه الفقهاء بالأمصار وأئمة الأثر). ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١/ ١٠٧):
(١٣) قال القاضي عياض: (أجمعوا على أن الصبي إذا حج ثم بلغ لا يجزئه عن حجة الاسلام إلا فرقة شذت لا يلتفت إليها). ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٢).
(١٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢١٣).
(١٥) قال ابن قدامة: (إن كل ما أمكنه فعله بنفسه، لزمه فعله، ولا ينوب غيره عنه فيه، كالوقوف والمبيت بمزدلفة، ونحوهما، وما عجز عنه عمله الولي عنه). ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٤٢). وينظر: ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٦٦)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٣/ ٤٣٥)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢١)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٨١).
(١٦) رواه عبدالرزاق في ((المصنف)) (٥/ ٧٠)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٣/ ٨٢٥).
(١٧) قال ابن المنذر: (أما الصبي الذي لا يقدر على الرمي فكل من حفظت عنه من أهل العلم يرى الرمي عنه). ((الإشراف)) (٣/ ٣٢٨)، ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>