للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال الثانية: أن يكون في حال اعتدال الشهوة، فإنه يقدم الحج على الزواج، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والحنابلة (٣)، واختاره ابن تيمية (٤)، وابن باز (٥)، وابن عثيمين (٦).

الأدلة:

أدلة وجوب تقديم النكاح في حال توقان الشهوة:

أولاً: اتفاق العلماء على ذلك:

نقله شيخي زادة (٧)، وابن كمال باشا (٨) , وحكاه المجد إجماعاً (٩).

ثانياً: أن من اشتدت حاجته إلى الزواج وجبت عليه المبادرة به قبل الحج؛ لأنه في هذه الحال لا يسمى مستطيعاً (١٠).

ثالثاً: أن في التزويج تحصين النفس الواجب، ولا غنى به عنه، كنفقته، والاشتغال بالحج يفوته (١١).

رابعاً: أن في تركه النكاح ترك أمرين: ترك الفرض، وهو النكاح الواجب، والوقوع في المحرم، وهو الزنا (١٢).

دليل تقديم الحج على النكاح في حال اعتدال الشهوة:

أن الحج واجب على الفور على من استطاع إليه سبيلاً، فيقدم على المسنون؛ لأنه لا تعارض بين واجب ومسنون (١٣).

فرع:

ليس من الحوائج الأصلية ما جرت به العادة المحدثة لرسم الهدية للأقارب والأصحاب، فلا يعذر بترك الحج لعجزه عن ذلك. (١٤)


(١) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زادة (١/ ٣٨٣)، ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٦٢).
(٢) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٣/ ٤٦٥)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (٢/ ٧٩٠).
(٣) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢١٧)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٨٩).
(٤) قال ابن تيمية: (إن احتاج الإنسان إلى النكاح وخشي العنت بتركه قدمه على الحج الواجب وإن لم يخف قدم الحج، ونص الإمام أحمد عليه في رواية صالح وغيره واختاره أبو بكر وإن كانت العبادات فرض كفاية كالعلم والجهاد قدمت على النكاح إن لم يخش العنت). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: ٥٢٨).
(٥) قال ابن باز: (إذا بلغ الحلم وهو يستطيع الحج والعمرة وجب عليه أداؤهما؛ لعموم الأدلة ومنها قوله سبحانه: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ولكن من اشتدت حاجته إلى الزواج وجبت عليه المبادرة به قبل الحج؛ لأنه في هذه الحال لا يسمى مستطيعاً، إذا كان لا يستطيع نفقة الزواج والحج جميعاً فإنه يبدأ بالزواج حتى يعف نفسه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) متفق على صحته). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٣٥٩،٣٦٠).
(٦) قال ابن عثيمين: (يقدم النكاح إذا كان يخشى المشقة في تأخيره، مثل أن يكون شاباً شديد الشهوة، ويخشى على نفسه المشقة فيما لو تأخر زواجه، فهنا نقدم النكاح على الحج، أما إذا كان عادياً ولا يشق عليه الصبر فإنه يقدم الحج، هذا إذا كان حج فريضة، أما إذا كان حج تطوع فإنه يقدم النكاح بكل حال، ما دام عنده شهوة وإن كان لا يشق عليه تأجيله، وذلك لأن النكاح مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة، كما صرح بذلك أهل العلم). وقال أيضاَ: (إذا كان الإنسان محتاجًا إلى الزواج ويشق عليه تركه فإنه يقدم على الحج، لأن النكاح في هذه الحال يكون من الضروريات، وقد قال الله عز وجل: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، والإنسان الذي يكون محتاجاً إلى الزواج، ويشق عليه تركه، وليس عنده من النفقة إلا ما يكفي للزواج أو الحج، ليس مستطيعاً إلى البيت سبيلا، فيكون الحج غير واجب عليه، فيقدم النكاح على الحج، وهذا من تيسير الله سبحانه وتعالى على عباده، أنه لا يكلفهم من العبادة ما يشق عليهم، حتى وإن كان من أركان الإسلام كالحج). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢١/ ٧١، ٧٢).
(٧) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زادة (١/ ٣٨٣).
(٨) ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٦٢).
(٩) لكن نوزع في ادعاء الإجماع. قاله المرداوي في ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٢٨٦).
(١٠) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٣٥٩،٣٦٠).
(١١) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زادة (١/ ٣٨٣)، ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢١٧).
(١٢) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زادة (١/ ٣٨٤).
(١٣) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٨٩).
(١٤) ((حاشية ابن عابدين)) ٢/ ٤٦١)) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (١٧/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>