للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أن وقت الحج شوال وذو القعدة وشهر ذي الحجة إلى آخره، وهذا مذهب المالكية (١)، ونُقِلَ عن الشافعي في القديم (٢)، وبه قال طائفة من السلف (٣)، واختاره ابن حزم (٤)، والوزير ابن هبيرة (٥)، والشوكاني (٦)، وابن عثيمين (٧).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: ١٩٧].

وجه الدلالة:

أن الآية عبرت بالجمع (أشهر)، وأقل الجمع ثلاث، فلا بد من دخول ذي الحجة بكماله (٨).

ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:

عن ابن جريج، قال: قلت لنافع: أسمعت ابن عمر يسمي أشهر الحج؟ قال: نعم، كان يسمي شوالاً، وذا القعدة، وذا الحجة (٩)، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوه (١٠).

ثالثاً: أن من أيام الحج اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر، يفعل فيها من أعمال الحج: الرمي، والمبيت، فكيف نخرجها من أشهر الحج وهي أوقات لأعمال الحج؟! (١١).

رابعاً: أن طواف الإفاضة من فرائض الحج، ويجوز أن يكون في ذي الحجة كله بلا خلاف منهم; فصح أنها ثلاثة أشهر (١٢).

المبحث الثاني: الإحرام قبل أشهر الحج

اختلف أهل العلم في حكم الإحرام بالحج قبل أشهره على أقوال منها:

القول الأول: يصح الإحرام بالحج وينعقد قبل أشهر الحج، لكن مع الكراهة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (١٣)، والمالكية (١٤)، والحنابلة (١٥). واختيار ابن باز (١٦)

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

١ - قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: ١٩٧].

وجه الدلالة:

أن معنى الآية: الحج (حج) أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها، وإن كان ذاك صحيحاً.


(١) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (١/ ٣٥٧) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٢).
(٢) ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٤٢٠)
(٣) منهم: ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وعطاء في الرواية الأخرى عنه، وطاوس، وعروة بن الزبير، والربيع بن أنس. ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٦٩ رقم ٨٢١)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٧٢/ ٢٦٤).
(٤) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٦٩ رقم ٨٢١).
(٥) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٠٥)
(٦) قال الشوكاني: (الحق ما ذهب إليه الأولون إن كانت الأشهر المذكورة في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ *البقرة: ١٩٧* مختصة بالثلاثة المذكورة بنص أو إجماع فإن لم يكن كذلك، فالأشهر جمع شهر، وهو من جموع القلة يتردد ما بين الثلاثة إلى العشرة، والثلاثة هي المتيقنة، فيجب الوقوف عندها). ((تفسير فتح القدير)) (١/ ٤٠٨، ٤٠٩).
(٧) قال ابن عثيمين: (الصواب ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله من أن أشهر الحج ثلاثة، كما هو ظاهر القرآن، شوال، وذو القعدة، وذو الحجة). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢١/ ٣٨٠)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٥٥، ٥٦).
(٨) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٦٩ رقم ٨٢١)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٢٥).
(٩) ((تفسير الطبري)) (٤/ ١١٧).
(١٠) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٦٩ رقم ٨٢١).
(١١) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٥٥، ٥٦).
(١٢) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٦٩ رقم ٨٢١).
(١٣) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٣)، ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٥٣١).
(١٤) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٠٤)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٤).
(١٥) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٠٥)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٠٥).
(١٦) قال ابن باز: (له أن يحرم قبل أشهر الحج، ولكن له أن يفسخ إلى عمرة ... ويكون للكراهة). ((اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية)) لخالد آل حامد (٢/ ٩٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>