للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقر: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أنه متى أحرم انعقد إحرامه؛ لأنه مأمور بالإتمام (١).

٣ - قوله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: ١٨٩].

وجه الدلالة:

أن الألف واللام في الأهلة للعموم، فيقتضي أن سائر الأهلة ميقات للحج (٢).

ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج)) (٣).

ثالثاً: أن التوقيت ضربان: توقيت مكان وزمان، وقد ثبت أنه لو تقدم إحرامه على ميقات المكان صح، فكذا لو تقدم على ميقات الزمان (٤).

رابعاً: أن الإحرام بالحج يصح في زمان لا يمكن إيقاع الأفعال فيه، وهو شوال، فعلم أنه لا يختص بزمان (٥).

القول الثاني: أنه لا ينعقد إحرامه بالحج قبل أشهره، وينعقد عمرة، وهذا مذهب الشافعية (٦)، وقولٌ للمالكية (٧)، ورواية عن أحمد (٨)، وبه قال طائفةٌ من السلف (٩)، واختاره ابن عثيمين (١٠).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: ١٩٧].

وجه الدلالة:

أن ظاهر الآية أن ميقات الحج في أشهره، فيجب انحصار الحج فيه، فلا يصح قبله، ولو كان يجوز الإحرام للحج في سائر شهور السنة لم يكن للآية فائدة (١١).

ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:

١ - عن أبي الزبير قال: ((سئل جابر: أهل بالحج في غير أشهر الحج، قال: لا)) (١٢).

٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لا يحرم بالحج إلا في أشهره، فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج)) (١٣).

ثالثاً: أن الإحرام نسك من مناسك الحج، فكان مؤقتاً، كالوقوف بعرفة والطواف.

رابعاً: أنه ميقات للعبادة فلا يصح قبله، كما لا تصح الصلاة قبل ميقاتها (١٤).

خامساً: أن من التزم عبادة في وقت نظيرتها انقلبت إلى النظير مثل أن يصوم نذراً في أيام رمضان، أو يصلي الفرض قبل وقته، فإنه ينقلب تطوعاً (١٥).


(١) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٢٥).
(٢) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٥).
(٣) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (١٥٦٠)، ووصله ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٣/ ٧٧٧)، وابن خزيمة (٤/ ١٦٢) (٢٥٩٦)، والدارقطني في ((السنن)) (٢/ ٢٣٣)، والطبراني (١١/ ٣٨٨) (١٢١١٢)، والحاكم (١/ ٦١٦)، والبيهقي (٤/ ٣٤٣) (٨٩٨٠). قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (٧/ ١٤٥)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٣٠٨) ..
(٤) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٠٤)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٤٤).
(٥) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٤٤).
(٦) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٢٨)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٤٤).
(٧) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٥).
(٨) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٠٥).
(٩) من هؤلاء: عطاء، وطاوس، ومجاهد، والأوزاعي وأبو ثور. ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٦٦)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٤٤).
(١٠) قال ابن عثيمين: (الصحيح أنه لا يجوز أن يحرم قبل الميقات الزماني، وأنه لو أحرم بالحج قبل دخول شهر شوال صار الإحرام عمرة لا حجا؛ لأن الله قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ *البقرة: ١٩٧*، وهذا أحرم قبل دخول أشهر الحج، فيكون إحرامه عمرة، كما لو صلى الظهر قبل الزوال، فينعقد نفلاً). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٥٧).
(١١) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٥).
(١٢) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٣/ ٧٧٨)، والدارقطني في ((السنن)) (٢/ ٢٣٤)، والبيهقي (٤/ ٣٤٣) (٨٩٧٩). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (٧/ ١٤٥) ..
(١٣) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (١٥٦٠)، ووصله ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٣/ ٧٧٧)، وابن خزيمة (٤/ ١٦٢) (٢٥٩٦)، والدارقطني في ((السنن)) (٢/ ٢٣٣)، والطبراني (١١/ ٣٨٨) (١٢١١٢)، والحاكم (١/ ٦١٦)، والبيهقي (٤/ ٣٤٣) (٨٩٨٠). قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (٧/ ١٤٥)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٣٠٨).
(١٤) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٢٥)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٤٥).
(١٥) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>