للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١. عن الحسن ((أن عمران بن الحصين أحرم من البصرة فلما قدم على عمر وقد كان بلغه ذلك أغلظ له وقال: يتحدث الناس أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من مصر من الأمصار)) (١).

٢. ((أحرم عبدالله بن عامر من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع، وكرهه له)) (٢).

خامساً: أنه تغرير بالإحرام وتعرض لفعل محظوراته، وفيه مشقة على النفس، فكره كالوصال في الصوم، قال عطاء: انظروا هذه المواقيت التي وقتت لكم، فخذوا برخصة الله فيها، فإنه عسى أن يصيب أحدكم ذنباً في إحرامه، فيكون أعظم لوزره، فإن الذنب في الإحرام أعظم من ذلك (٣).

سادساً: القياس على كراهة الإحرام قبل أشهر الحج.

المطلب السابع: الحيض والنفاس لا يمنع من إحرام المرأة من الميقات

المرأة التي تريد الحج أو العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات، بلا إحرام، حتى لو كانت حائضاً فإنها تحرم وهي حائض، وينعقد إحرامها ويصح.

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: (( ... فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري (٤) بثوب وأحرمي)) (٥).

وجه الدلالة:

أنه أمر النفساء بالاغتسال والإحرام، ولا فرق في ذلك بينها وبين الحائض، فالنفاس أقوى من الحيض لامتداده وكثرة دمه، ففي الحيض أولى (٦).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (٧)، والنووي (٨)، وابن رجب (٩).


(١) رواه الطبراني (١٨/ ١٠٧) (١٤٩١٤)، والبيهقي (٥/ ٣١) (٩١٩٨). قال ابن كثير في ((مسند الفاروق)) (١/ ٣٠٠): (منقطع، اللهم إلا أن يكون الحسن سمعه من عمران بن حصين)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٣/ ٢١٩): (رجاله رجال الصحيح إلا أن الحسن لم يسمع من عمر)، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (٣/ ١٥٩): (موقوف بسند الصحيح، وله شاهد).
(٢) ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣١٤).
(٣) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١٥/ ١٤٣)، ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣١٤).
(٤) الاستثفار: معناه أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها. ينظر مقدمة ((فتح الباري)) لابن حجر (ص: ٩٣)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢١/ ٣٥٠).
(٥) الحديث رواه مسلم (١٢١٨).
(٦) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٢/ ٤٣٠).
(٧) قال ابن عبدالبر: (وهو صحيح مجتمع عليه لا خلاف بين العلماء فيه كلهم يأمر النفساء بالاغتسال على ما في هذا الحديث وتهل بحجها وعمرتها وهي كذلك وحكمها حكم الحائض تقضي المناسك كلها وتشهدها غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر). ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١٩/ ٣١٥).
(٨) قال النووي: (فيه صحة إحرام النفساء، وهو مجمع عليه) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١٧٢)، وقال المباركفوري: (مثلها الحائض، وأولى منهما الجنب؛ لأنهما شاركتاه في شمول اسم الحدث، وزادتا عليه بسيلان الدم، وهو مجمع عليه) ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (٩/ ٤).
(٩) قال ابن رجب: (هذا قول جماعة أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلاف فيه: أن الحائض يجوز أن تحرم بالحج والعمرة، وتفعل ما يفعله الطاهر، سوى الطواف بالبيت، ولكن؛ منهم من كره لها أن تبتدئ الإحرام من غير حاجة إليه، فكره الضحاك وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري: أن تحرم في حال دمها قبل الميقات؛ لأنه لا حاجة لها إلى ذَلكَ، فإذا وصلت إلى الميقات، ولم تطهر فإحرامها حينئذ ضرورة، وكره عطاء لمن كانت بمكة وهي حائض: أن تخرج إلى الميقات، فتهل بعمرة، وقال: لا تخرج حتّى تطهر، وهو محمول على المقيمة بمكة، التي يمكنها تأخير الإحرام إلى حال طهرها) ((فتح الباري)) لابن رجب (١/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>