للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرأة لا ترفع صوتها، وإنما تلبي سرًّا بالقدر الذي تُسمِع به نفسها. ذهب إلى ذلك جماهير أهل العلم (١) وحكاه ابن عبدالبر إجماعا (٢).

وذلك لما يُخشى من رفع صوتها من الفتنة (٣).

المطلب الخامس: وقت التلبية

الفرع الأول: ابتداء وقت التلبية

يستحب أن يبتدئ المحرم بالتلبية، إذا ركب دابته وابتدأ السير وهو مذهب المالكية (٤)، والشافعية (٥)، وروايةٌ عند الحنابلة (٦)، وهو اختيار الشنقيطي (٧)، وابن باز (٨)، وابن عثيمين (٩).

الأدلة:

من السنة:

١ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعاً، وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهلَّ)) (١٠).

٢ - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب راحلته بذي الحليفة، ثم يهل حين تستوي به قائمة)) (١١).

٢ - عن سالم بن عبدالله أنه سمع أباه يقول: ((ما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره)) (١٢).

٤ - عن نافع قال: ((كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أراد الخروج إلى مكة ادَّهن بدهنٍ، ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد الحليفة، فيصلي ثم يركب، وإذا استوت به راحلته قائمة أحرم، ثم قال: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل)) (١٣).


(١) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (٢/ ١٩٦). قال ابن المنذر: (وقال ابن عمر: المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية وبه قال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي). وقال سليمان بن يسار: (السنة عندهم أن المرأة لا ترفع صوتها بالإهلال) ((الإشراف)) لابن المنذر (٣/ ١٩٤).
(٢) قال ابن عبدالبر: (وأجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها وإنما عليها أن تسمع نفسها فخرجت من جملة ظاهر الحديث وخُصَّت بذلك) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١٧/ ٢٤٢)، و ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٥٧). وحكاه عنه ابن رشد، فقال: (وأجمع أهل العلم على أن تلبية المرأة فيما حكاه أبو عمر هو أن تسمع نفسها بالقول) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٣٧).
(٣) قال النووي: (والمرأة ليس لها الرفع لأنه يُخاف الفتنة بصوتها) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ٩٠ - ٩١)، وانظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١١٢ - ١١٣).
(٤) ((حاشية العدوي)) (١/ ٥٢٢)، ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١٠٦).
(٥) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٨١)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٨١).
(٦) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٢٠)، ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣٨٧).
(٧) قال الشنقيطي: (أظهر أقوال أهل العلم فيه: أنه أول الوقت الذي يركب فيه مركوبه عند إرادة ابتداء السير، لصحة الأحاديث الواردة بأنه صلى الله عليه وسلم أهل حين استوت به راحلته) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ٤).
(٨) قال ابن باز: (والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة أو غيرهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أهل بعد ما استوى على راحلته، وانبعثت به من الميقات للسير، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٤١).
(٩) قال ابن عثيمين: (الأقرب أنه يلبي إذا ركب السيارة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٩٩).
(١٠) رواه البخاري (١٥٤٦)، ومسلم (٦٩٠).
(١١) رواه البخاري (١٥١٤)، ومسلم (١١٨٧).
(١٢) رواه مسلم (١١٨٦).
(١٣) رواه البخاري (١٥٥٤)، ومسلم (١١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>