للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته (١))) (٢). (٣).

قال النووي: هذه أحاديث صحيحة قاطعة بترجح الإحرام عند ابتداء السير (٤).

الفرع الثاني: انتهاء وقت التلبية في الحج:

تنتهي التلبية في الحج عند ابتداء رمي جمرة العقبة يوم النحر، ولا فرق في ذلك بين المفرد، والقارن، والمتمتع (٥)، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (٦)، والشافعية (٧)، والحنابلة (٨)، وبه قال طائفة من السلف (٩).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل، فأخبر الفضل: أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة)) (١٠).

وجه الدلالة:

أن الحديث نص في انتهاء التلبية عند رمي جمرة العقبة، وقد جاء من رواية الفضل بن العباس رضي الله عنهما، وقد كان رديفه يومئذ، وهو أعلم بحاله من غيره (١١).

٢ - عن عبدالله بن سخبرة , قال: ((لبى عبدالله وهو متوجه إلى عرفات، فقال أناس: من هذا الأعرابي، فالتفت إلي عبدالله، فقال: أضل الناس أم نسوا؟ والله ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة إلا أن يخلط ذلك بتهليل أو بتكبير)) (١٢).

ثانياً: أن التلبية للإحرام، فإذا رمى فقد شرع في التحلل، فلا معنى للتلبية (١٣).


(١) قال النووي: (قوله في هذا الباب عن ابن عمر قال: ((فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته))، وقال في الحديث السابق: ((ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل))، وفي الحديث الذي قبله: ((كان اذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل))، وفي رواية: ((حين قام به بعيره))، وفي رواية: ((يهل حين تستوي به راحلته قائمة))، هذه الروايات كلها متفقة في المعنى، وانبعاثها هو استواؤها قائمةً، وفيها دليلٌ لمالك والشافعي والجمهور أن الأفضل أن يحرم إذا انبعثت به راحلته) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ٩٣ - ٩٤)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢١٦).
(٢) رواه البخاري (١٦٦)، ومسلم (١١٨٧).
(٣) قال ابن عثيمين: (نحن جربنا فائدة كونه لا يلبي إلا إذا ركب؛ لأنه أحياناً يتذكر الإنسان شيئاً كطيب أو شبهه، فإذا قلنا: أحرم بعد الصلاة لم يتمكن من استعمال الطيب بعد الإحرام، لكن إذا قلنا: لا تلب ولا تحرم إلا بعد الركوب حصل في ذلك فسحة، إلا إذا صح حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه يبدأ بالتلبية عقب الصلاة) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٠٣). وقال أيضاً: (لكن الأحسن والأرفق بالناس ألا يلبي حتى يستوي على ناقته؛ لأنه قد يحتاج إلى شيء؛ فقد يكون نسي أن يتطيب مثلاً، وقد يتأخر في الميقات بعد أن يصلي الركعتين، ركعتي الوضوء، أو الصلاة المفروضة مثلاً، فالأرفق به أن تكون تلبيته إذا استوى على ناقته، وإن لبى قبل ذلك فلا حرج) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٤/ ٥٠٩).
(٤) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢١٦).
(٥) لكن المتمتع يقطع تلبيته للعمرة عند شروعه في الطواف، ثم يلبي إذا أحرم للحج، فلا يزال يلبي حتى يشرع في رمي جمرة العقبة. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٧١).
(٦) ((المبسوط)) للشيباني (٢/ ٥٤٦)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٧١).
(٧) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٥٤)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٩١).
(٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٨٣)، ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣٩٥).
(٩) منهم: ابن مسعود وابن عباس ميمونة رضي الله عنهم، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، والنخعي، والثوري. ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٨٣).
(١٠) رواه البخاري (١٦٨٥)، ومسلم (١٢٨١).
(١١) قال الطحاوي: (قد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة , بتلبيته بعد عرفة إلى أن رمى جمرة العقبة) ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (٢/ ٢٢٤)، وانظر: ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٨٣).
(١٢) أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (٢/ ٢٢٥).
(١٣) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٩١)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>