للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولحللت مع الناس حين حلوا)) (١).

٣ - عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أنه سئل عن متعة الحج فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وأهللنا فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي)) (٢).

وجه الدلالة من هذه النصوص من وجهين:

الوجه الأول: أنه قد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أمر أصحابه في حجة الوداع لما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي، والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينقلهم من الفاضل إلى المفضول، بل إنما يأمرهم بما هو أفضل لهم.

الوجه الثاني: أنه آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلولا أن التمتع هو الأفضل لما تأسف عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولما تمنى أنه لم يسق الهدي حتى يحل مع الناس متمتعاً (٣).

٤ - عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: ((أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال: رجل برأيه ما شاء)) (٤).

٥ - عن أبي نضرة، قال: ((كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبدالله، فقال: على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القرآن قد نزل منازله، فـ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ [البقرة: ١٩٦]، كما أمركم الله)) (٥).

ثالثاً: أن المتمتع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج، مع كمالها وكمال أفعالها على وجه اليسر والسهولة، مع زيادة لنسك هو الدم، فكان ذلك هو الأولى (٦).

رابعاً: أنه أسهل على المكلف غالباً لما فيه من التحلل بين العمرة والحج (٧).

المطلب الخامس: تعيين أحد الأنساك

يستحب أن يُعيِّن ما يحرم به من الأنساك عند أول إهلاله، نص على هذا جمهور الفقهاء من المالكية (٨)، والشافعية في الأصح (٩)، والحنابلة (١٠).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أتاني الليلة آت من ربي عز وجل، فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)) (١١).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أُمِرَ أن يُعيِّن نسكه.

٢ - أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أصحابه بالاحرام بنسك معين فقال: ((من شاء منكم أن يهل بالحج أو عمرة فليهل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل)) (١٢).

ثانياً: أن التعيين هو الأصل في العبادات (١٣).


(١) رواه البخاري (١٧٨٥)، ومسلم (١٢١٨).
(٢) رواه البخاري (١٥٧٢).
(٣) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٩/ ٢٥٩).
(٤) رواه البخاري (٤٥١٨)، ومسلم (١٢٢٦).
(٥) رواه مسلم (١٢١٧).
(٦) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٨٦)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٩/ ٢٦٢).
(٧) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٧٧).
(٨) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٢١)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٦٣).
(٩) نص عليه الشافعي. ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٢٧)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٧٧).
(١٠) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٣٠، ٢٣٢)، ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣٢٨). ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٣٠).
(١١) رواه البخاري (١٥٣٤).
(١٢) رواه البخاري (١٧٨٦)، ومسلم (١٢١١).
(١٣) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>